عدم القدرة على رفض طلبات الآخرين دليل على سعيك لنيل رضى الناس مقابل تعاستك أنت.
في البداية، تعلم كيفية رفض طلبات الآخرين ليس دعوة لتجاهل مساعدة من يحتاجك أو تقديم الدعم، وإنما الحديث هنا عن الطلبات التي تستشعر أنت من داخلك أنها فوق طاقتك.
غالبا، تربى معظم الناس إما بأسلوب العنف والاندفاع أو أسلوب الهروب والخوف من المواجهة، وهذا ما يجعل رفض ما يطلبه منك الطرف الآخر أمرا صعبا بحيث تقول في نفسك إذا رفضت الطلب سيحدث أمر سيء.
وهذا ليس صحيحا!
لماذا لا أستطيع رفض طلبات الآخرين؟
بدون إطالة الكلام، ما يمنعك من امتلاك القدرة على قول لا، هو غياب الحدود، نعم أنت لا تستطيع وضع حدود للناس. ما الذي نقصده بالحدود؟ نقصد به، الأشياء التي تناسبك والتي لا تناسبك!
يأتي شخص ما يطلب منك شيئا لا يناسبك مع ذلك أنت تقبل، هنا هذا الشخص تجاوز حدودك، وبمعنى أدق أنت سمحت له بتجاوزها.
ما الذي يجعلك لا تضع حدودا؟
أقرضني مبلغا من المال، ليبقى أطفالي لديك هذا المساء، تعال معي لنذهب لهذا المكان… كلها طلبات لا تستطيع رفضها لأنك تخاف من المواجهة. تقبل المرة الأولى ويتأكد الناس أنك تخجل ولا تستطيع رفض ما يطلبونه منك وبالتالي هم يستمرون في طلباتهم عنوة.
قد تعتقد أن هؤلاء لا يفهمون ما يقومون به، العكس هو الصحيح. كل منهم يفهم أنك إنسان لطيف أكثر من اللزوم وأن خجلك ورغبتك في إرضائهم ستجعلك توافق على ما يطلبونه دون سؤال.
لكي نتعمق في الأمر بشكل أوسع، غالبية الحالات التي لا تستطيع فيها رفض طلبات الآخرين، أنت فعلا لا تخاف من ذلك الإنسان أو من مواجهته، فما الذي يحدث؟
تتلخبط إعداداتك!
ما الذي يسبب لك عدم القدرة على رفض طلبات الآخرين؟
1ـ غياب التواصل
نفرض أن لديك غرضا مهما في مكان ما وأنت مستعجل، فجأة جاء شخص تعرفه وقام بدعوتك لشرب كوب قهوة، آااه فلان، كيف الحال؟ هيا نشرب كوب قهوة مع بعض؟ سؤال سريع وأنت مستعجل فتتلخبط أفكارك ولا تعرف ما الذي ستقوم به.
في هذه اللحظة بالذات إن لم تستطع السيطرة على الوضع وفرض ما ترغب به، فعلى الأغلب ستنساق لما يريده الآخرون منك.
2ـ الابتزاز العاطفي
مع كامل الأسف، يعيش معظم الناس الابتزاز العاطفي وشعور تأنيب الضمير مع الناس القريبين منه. آباء يضغطون على أبنائهم للقيام بأشياء صعبة مقابل رضاهم عنهم. زوج يبتز زوجته في مقابل أن يأخذ راتبها كاملا… والأمثلة كثيرة.
كيف تعالج مشكل إرضاء رغبات الآخرين؟
1ـ إدارة المشاعر
إن لم تتعلم كيف تدير مشاعر الضغط والقلق المصاحبة للمواقف المحرجة حيث تكون مضطرا لتوافق على طلب شخص ما، فأنت لن تستطيع التخلص من هذا المشكل.
إدارة المشاعر هي ضمن مهارة الذكاء العاطفي التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من متطلبات النجاح، سواء النجاح الشخصي أو المهني. خلال السنوات القادمة لن يصبح معدل ذكاءك مرتبطا بالمعارف التي تمتلكها وإنما بنسبة ذكائك العاطفي!
لذلك، معرفة الأسلوب الأمثل لتدير طلب شخص ما وترفضه بأسلوب مناسب لا يدل لا على اندفاع ولا على هروب منه، أمر ضروري لتحقيق الحياة التي تريدها.
في اللحظة التي يطلب منها شخص منك أن تقوم بشيء معين، تنفس لثلاث ثواني وقل له، لا أعلم دعني أفكر! تعود على استخدام مثل هذه الجمل المباشرة، هذا لا يناسبني، دعني أفكر، لا أستطيع القيام بهذا…
ستفاجئ أن مخاطبك لن تصدر منه ردة فعل عدوانية على أجوبتك، على العكس تماما!
إن أفضل ما يتميز به مدراء الشركات الكبرى هو قدرتهم على تطبيق الذكاء العاطفي في أعمالهم ومع موظفيهم. وبهذا هم يوافقون على ما يريدونه ويرفضون ما لا يناسبهم.
دورك أن تقول لا لما لا يناسبك من طلبات وأن تقول لا لمن يستنزف طاقتك ووقتك! كما أنه من واجبك أن تتقبل الرفض أيضا، بحيث تنمي بداخلك مناعة نفسية قوية في الحالات التي ترفض فيها طلباتك!
2ـ التواصل الذكي لرفض الطلب المحرج
لكي نوضح أهمية النقطة الثانية، لا بد من الإشارة أن ما يدفع معظم الأشخاص لعدم رفض طلبات الآخرين هو اعتقادهم أن الرفض يعني مباشرة قول كلمة لا هكذا، لا حافية!
في حين، أن الأسلوب الأمثل لتجنب 90 في المئة من المواقف المحرجة هو عبر التواصل غير اللفظي، ونقصد بهذا الأخير، حركات يديك، نظرتك، أسلوبك في التعبير الجسدي…
إذا جاء شخص ليطلب منك الذهاب معه لمكان ما وأنت كنت غير متاح، لا يجب أن يكون ردك هو لا لن أذهب معك، تستطيع فقط
التعبير بيديك كأنك فعلا تريد الذهاب لكن الأمر صعب حاليا ـ أدعوك لمشاهدة الفيديو بحيث تفهم أكثر ما أقصده ـ.
الإجابات الجافة والمباشرة ليست دائما الحل الأحسن!
على سبيل المثال، حين يرغب مدير ما في طرد موظف فهو لا يخبره بشكل مباشر بأنه مطرود، اخرج من الشركة! لا أبدا.
يستدعيه ويشكره على عمله طوال هذه الفترة ويلطف الحديث بحيث يشرح له حالة الشركة حاليا وكيف يمكنه الحصول على فرص أفضل…
يدخل أيضا ضمن هذه النصيحة الثانية، اقتراح البديل. وهذا فقط في الحالات التي يطلب منك شخص عزيز وقريب منك طلبا ما، بدل أن تقول لا، قل حاليا الوضع لا يسمح، اقترح عليك الأسبوع القادم، هل يناسبك؟
التواصل الفعال، يعني إغناء الحوار، أن تكون لينا في إرسال الرسالة لمخاطبك بحيث لا تزعج نفسك ولا الآخرين!
3ـ تواصل مع أشخاص جدد دائما
ترتبط هذه الخطوة الثالثة بالذكاء الاجتماعي، لا يمكن أن تتطور وتتعلم الكيفية الصحيحة للتواصل ما دمت داخل دائرة الراحة الخاصة بك. أخرج وتعرف على دوائر اجتماعية جديدة ومختلفة عما تعودت عليه.
سيشجعك هذا على تنمية قدراتك الشخصية سواء في التواصل أو في العلاقات وبهذا ستستطيع رفض طلبات الآخرين غير المناسبة لك.
لكي تكون متمكنا من كل الخطوات السابقة لا بد أن تستمر على التطبيق العملي لما تم ذكره وتمارسه في حياتك اليومية!
Merci beaucoup