كلما تحدثت كلما قلّت قيمتك!
يخطئ من يعتقد أن الحديث دون توقف، ومشاركة ثقافتك العامة، وإبراز ما تملكه… هو ما سيفتح لك أبواب القيمة الاجتماعية المرتفعة.
العكس تماما، فن الكلام الجذاب أساسه الصمت وضبط النفس!
فهيا نتعرف على هذه الأساسيات بالتفصيل.
ما هو التواصل الذكي؟
نفرض التقينا أنا وأنت، فبدأت بالحديث عن مؤهلاتي وما أملكه، وما أعرفه، كيف ستنظر إلي؟ هل سأبدو شخصا مثيرا للاهتمام؟ هل سترغب في التعرف علي؟
الجواب لا! لماذا؟ لأني أخبرتك بكل شيء، لم أسمح لك بسؤالي، لم أعطِ فرصة التعرف علي، بل تحدثت عن نفسي دون توقف!
وهذا هو الخطأ الذي تقوم به أنت كلما تواجدت في مجمع جديد!
الشخص الذكي لا يحاول إبهار الطرف الآخر، بل يعرف متى يتحدث، متى يصمت، متى يظهر ما لديه، ومتى يخفي ما يملكه؛ هذا هو التواصل الذكي!
ما هو الهدف من التواصل مع الآخرين؟
هذا السؤال بنفسه فخ!
كيف هذا؟
ليس من المفترض أن كل جلسة أو كل مجمع ستذهب إليه، أن يكون ورائه هدف محدد، أو تفكر ماذا ستستفيد من الآخرين، أو كيف ستفيدهم؟
تخرج من منزلك وعقلك يفكر كيف سينفعني فلان؟ كيف سأُبهر فلان؟ لاسيما إن كنت لا تزال في بداية رحلتك في عالم الأعمال، تلتقي بأشخاص أغنى منك، فتحاول أن تبدو بمستواهم.
لكنك تغفل عن شيء واحد، وهو أن الآخرين يفهمون رموز المستويات المالية، رموز الذكاء الاجتماعي… طريقة إلقائك التحية تظهر في أي مستوى أنت، أسلوبك في الكلام يبرز الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها.
تذكر، أن الهدف من لقاء الآخرين ليس الإبهار، وإنما استقبال طاقتهم. تلك الطاقة التي تتواجد في كل جلسة ثرية! هدفك أن تتصل بهذه الطاقة، وبالتالي أنت أيضا ستعطيهم من طاقتك دون أن تحتاج للكلام ولا لبذل الجهد.
لماذا تحاول إبهار الآخرين؟
يجب أن تكون صادقا مع نفسك، ما السبب الذي يدفعك لتحاول إبهار الطرف الآخر؟ سواء بالكلام، أو اللباس، أو الأسلوب…؟
سأجيب مكانك، السبب هو الخوف، تخاف من ألا يعلم الآخرون قيمتك، ألا يعلم الطرف الآخر أنك إنسان مثقف، واعِِ، رجل أو سيدة أعمال… تخاف أن تصمت فلا تستطيع إثبات ذاتك.
وهذه فكرة خاطئة، لأننا نحن البشر، نستطيع إدراك قيمة الشخص الآخر دون الحاجة لسماعه يتحدث عن نفسه، كيف هذا؟ بالطاقة التي يصدرها.
فكِّر معي في شخص أو سيدة رأيتها في الشارع، وقلت مع نفسك وااو هذه السيدة يبدو عليها ابنة عائلة كبيرة أو متزوجة برجل ثري… كيف فهمت هذا؟ هي لم تخبرك، ولكن طاقتها وصلتك.
نفس الأمر طبقه أنت في جلساتك ولقاءاتك مع الآخرين، لا داعي للكلام الكثير عن إنجازاتك، صمتك سيدفع الآخر للاهتمام بك.
تذكر الغموض مفتاح العلاقات!
3 تقنيات في فن الكلام لجذب الآخرين
ما شاركتك أعلاه يدخل أيضا ضمن تقنيات فن الكلام، لأن الأساس هو الطاقة التي تدور بين كل طرفين.
دعني أضيف لك، بعض التقنيات الأخرى:
1ـ تقنية المدرب المغربي وليد الركراكي
سأطلب منك أن تعيد مشاهدة لقاءات المدرب وليد مع الصحافة، لاسيما بعد انتهاء كل مباراة بفوز المنتخب، كيف يتحاور؟ كيف يجيب على الصحافة؟
الصحفي: وليد، أنت حققت الفوز، أوصلت المنتخب لنصف نهائي كأس العالم….
وليد: اللاعبين أدوا ما عليهم، والطاقة التدريبي أيضا ساعد بخبرته…
يحاول كل صحفي أن يظهر وليد بشخصية البطل، والمنجز، إلا أنه لا يسقط في هذا الفخ، بل ينسب الفضل للآخرين.
الإنسان الواثق من نفسه، لا ينتظر ثناء الآخرين، ولا يتعلق بمدحهم له، بل يكتفي بذلك الصمت بين كل جملة وأخرى، ويعرف متى يتحدث ومتى يمدح نفسه.
2ـ فن طرح الأسئلة الفعالة
الهدف من هذا النوع من الأسئلة هو دفع الطرف الآخر للحديث، بحيث يكون هو الطرف المتكلم وأنت المستمع.
تذكر جيدا، أن الإنسان الذي لا يتمتع بالذكاء العاطفي ولا يتحكم في مشاعره، يسقط في الكثير من الأخطاء حين يتحدث، وأنت لا تريد أن تكون هذا الشخص، لهذا تعلم كيف تسأل بطريقة صحيحة!
ـ أسئلة تدليع الإيغو: أقصد بها، حين يتحدث الشخص عن تجاربه، أو أشياء قام بها، وحققها، حاول أن تظهر إعجابك بالسؤال، واااو كيف فعلت هذا؟ يا سلام، كيف حققت هذا الشيء؟ أخبرني بالمزيد…
هنا حتى لغة جسدك تلعب دورا مهما في إبراز اهتمامك بكلام الآخر، وبالتالي هو تلقائيا سيرغب في الكلام معك.
ـ أسئلة عدم المعرفة أو الجهل: معناها، أن تعبر عن عدم استيعابك لكلام الآخر، وبالتالي تطلب منه أن يشرح لك. لم أفهم هذا؟ هل تستطيع أن تشرح لي…؟ مع الحفاظ على تفكيرك النقدي، يعني أن تعبر أيضا على رأيك مع طلب الشرح.
هذا النوع من الأسئلة تجعلك تظهر الآخر أنه أفضل منك، وهذه تقنية خاصة ترفع الكاريزما! أن تظهر الآخر في مرتبة عالية، وهكذا هو سيرغب تلقائيا بالحديث معك!
3ـ تمرين تطبيقي لـ تقنيات فن الكلام
لكي تنتقل من المعلومات النظرية إلى التطبيقية، سأطلب منك أن تستعد للقائك القادم، أو المناسبة القادمة التي ستذهب إليها. قبل أن تخرج من منزلك أو قبل أن تستقبلي ضيوفك، أخبري نفسك: أنا لن أحاول إبهار الآخرين، لا أريد أن أستفيد ولا أن أُفيد، فقط سأتواجد بطاقتي معهم.
ثم لاحظ الفرق!
في العلاقات الاجتماعية، تعامل كأنك التلميذ والطرف الآخر هو الأستاذ، اطرح الأسئلة، تفاجئ بالحديث، دلِّع الإيغو لديه… كل هذه سلوكيات ستجعلك تتحكم في الشخص مهما بلُغ ذكاءه!
وتذكر أن الإنسان كائن عاطفي، يحب من يستمع له ويسمح له بالتعبير عن نفسه!
هل تعرف شخصا يتكلم دون توقف ودائما ما تنتظره أن يصمت؟؟ أخبرني في التعليقات
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا