سواء كنت ضحية الاستغلال أو تريد التلاعب بمشاعر الآخرين بنية الحصول على ما تريده منهم فهذا المقال موجه إليك اليوم. غالبا، لا يكتشف الجميع أنهم ضحايا لأشخاص معينين إلا بعد استنزاف كامل طاقتهم المادية والمعنوية وقد لا يكتشفون هذا أبدا!
سنبدأ هذا المقال بسؤال تكتشف به وضعك الحالي، هل سبق وطلب منك شخص ما طلبا معينا ورفضته، وبعد مدة قليلة عاد وطلب نفس الطلب ثم وافقت عليه؟ إذا كان جوابك نعم فستكون بكل بساطة انتبهت لهذا السلوك وقد تكون اعتقدت بينك وبين نفسك أن هذا الشخص غبي، وجريء ولا يخجل ليطلب منك نفس الطلب!
الحقيقة أن هذا الشخص الذي وافقت على طلبه في المرة الثانية لم يكن لا غبيا ولا جريئا، بل كان مستوعبا لواحدة من أهم تقنيات التأثير المسؤولة عن زرع الأفكار في عقول الآخرين. لهذا من الضروري أن تتعلم أنت أيضا هذه التقنية؛ إما لتتجنب الوقوع في الفخ أو لتحصل على طلب معين.
لماذا التلاعب بمشاعر الآخرين؟
قد يقول البعض منكم، أن الناس تفكر بعقلها وتتعامل بما يمليه عليها هذا العقل، والحقيقة غير هذا، الإنسان كائن عاطفي ويفكر في عاطفته. الدليل، هو المثال الذي سبق، يُطلب منك شيء في المرة الأولى فترفض، تتم إعادة الطلب فتقبل!
من جهة أخرى، ستلاحظ معي أن الكثير من الأشياء المتواجدة حولك والتي اشتريتها سابقا، كانت نتيجة رؤيتك لإعلاناتها مرارا وتكرارا إلى أن أحسست أنك في حاجة لشرائها. التلاعب بمشاعر الآخرين يتم على مستويات عديدة، من المحادثات البسيطة، ثم مجال الإشهار والإعلان، وإلى عالم السياسة.
إذا أردنا تصنيف الفئة التي تتعرض لهذا التلاعب، فسنقول بكل تأكيد أنهم الأشخاص الذين يفتقرون للذكاء العاطفي ولم يتعلموا الطريقة الصحيحة لإدارة العلاقات. إذا أردت الخروج من هذه الفئة فما عليك سوى الحصول على دورة الذكاء العاطفي ودورة الذكاء الاجتماعي وتنقل حياتك لمستوى آخر!
4 حيل لـ التلاعب بمشاعر الآخرين
1ـ حيلة التبوهيل
لنشرح أولا مصطلح التبوهيل، الذي قد يبدو غريبا. التبوهيل هو بما معناه البلادة، حين يتصرف الشخص على أنه بليد دون أن يكون بليدا!!
الأشخاص الذين يستخدمون تقنية أو حيلة التبوهيل ‘البلادة’، دائما ما يعيدون عليك نفس الطلب وفي فترات متقاربة. مثلا يأتي إليك الشخص اليوم ويطلب منك سلفة مالية، فترفض الأمر.
غدا، سيعود إليك ويعيد نفس الطلب، فترتفع نسبة قبولك لطلبه، لأنه يُشعرك بالاحراج من رفض طلبه للمرة الثانية. لنفرض أنك رفضت الطلب للمرة الثانية، سوف يعيد الطلب بعد يومين أو ثلاثة.
ما النتيجة؟ ستتساءل أنت هل هذا الشخص بليد أم ماذا؟ وكما أشرنا، الأمر ليس له علاقة بكونه بليدا بل بقدرته على التأثير عليك عاطفيا.
ربما أنت من يريد أن يُقبل طلبه! لديك غرض ما وتريد الحصول عليه لكنك متأكد أن الطرف الآخر سيرفض، ما الحل؟ اطلبه وحين يرفض انتظر 24 ساعة ثم أعد نفس الطلب على نفس الشخص. وماذا لو رفض للمرة الثالثة؟ انتظر يوما آخر وأعد نفس التقنية وسوف يقبل.
ستعلمك هذه التقنية كيف تطلب ما تريده، وهذه مسألة يفتقر إليها الكثيرون رغم إمكانياتهم وقدراتهم إلا أنهم لا يعرفون كيفية الطلب. الحياة عموما مثل المحيط، إما أن تذهب إليه بملعقة صغيرة أو بشاحنة لتخزين المياه! الاختيار لك.
ابدأ بخطوات بسيطة، مثلا حين تذهب للمطعم اطلب شيئا ما بزيادة، لو سمحت هل يمكن أن تضيف لي المزيد من السلطة؟ المزيد من البطاطس المقلية…؟ ليس مهما ما الذي تطلبه، الأهم أن تطلب.
أو إن كنت تقدم خدمة ما، فتوقف عن تقديمها مجانا لأشخاص يملكون ثمنها. تعلم أن تطلب ما تريده والإصرار على ما تريده.
2ـ حيلة تأنيب الضمير
التقنية الثانية لـ التلاعب بمشاعر الآخرين، تدخل في إطار إشعار الشخص للطرف الآخر بتأنيب الضمير من أجل أخذ ما يريده. هذه الحيلة يستخدمها الكثير من المنحرفين النرجسيين في العلاقات العاطفية، بحيث يعرف المنحرف مسبقا أنه قام بسلوك غير مقبول، مع ذلك حين يريد شيئا ما فهو يعيد سرد سيناريو سابق على الطرف الآخر، أووه تذكر هذا الأمر… لقد فعلت كذا وكذا…
يعرف المنحرف النرجسي كيف يتلاعب بمشاعرك ابتداء باختيار مكان اللقاء الهادئ وبالوقت المناسب حيث تكون متفرغا، إلى الكلام الذي سيسبق طلبه.
مسألة تأنيب الضمير إذا تمعنت فيها ستجد أنها نابعة من فراغ، يعني كل الكلام الذي ستسمعه من ذلك الشخص ليس إلا كلاما يُقصد به التأثير على عواطفك. وهنا أعيد الإشارة على أهمية الذكاء العاطفي والتحكم في المشاعر.
حين يطلب منك أمر أنت لا تريد قبوله، تعلم كيف تعطي الوقت لنفسك. تعلم كيف تطلب مهلة للتفكير. تعلم أن تقول أن هذا الطلب لا يناسبك ولا تستطيع قبوله دون الحاجة لتقديم تبريرات.
بمجرد أن تبدأ في تقديم مبررات لرفضك ستكون قدمت دليلا على أنك وقعت في المصيدة!
نحن الآن على مشارف 2023 وإن كان هناك شيء واحد تنهي به 2022 فهو تعلم مهارات الطلب والإقناع والتحكم في المشاعر.
3ـ حيلة طلب المستحيل
نَفرض لديك طلب معين، بدل أن تقوم بطلبه مباشرة تقوم برفع صعوبة وأهمية هذا الطلب. على سبيل المثال، لديك موظف تريد منه أي يأتي للعمل على الساعة الثامنة والنصف بدل التاسعة صباحا، أنت لن تقوم بطلب هذا الأمر بشكل مباشر. لا! ما ستقوم به هو إخباره أن العمل يمر بأزمة وأنه قد يضطر للقدوم للعمل مع السادسة صباحا!! بطبيعة الحال هو سيرفض، لأنه لا يوجد موظف يعمل مع التاسعة وسيأتي بدون مقدمات للعمل غدا مع السادسة.
بعد مرور 24 ساعة ستعود إليه وتقدم طلبك الأصلي قائلا أنك فكرت في الأمر، وجعلت الموعد هو الثامنة والنصف. بالنسبة للموظف أو العامل بالتأكيد الثامنة والنصف أحسن وأفضل من السادسة صباحا وبالتالي سيقبل الطلب!
مثال آخر، تريد أن تأخذ سلفة من شخص ما بمقدار 2000 درهم مثلا، لن تطلب منه مباشرة هذا المبلغ، بل ستطلب 10 آلاف درهم، حين يرفض، عادي تقبل الأمر وانسحب إلى الغد ثم أعد الطلب، هذه المرة ستقول له أنك حاولت جمع المال وقد حصلت بالفعل على 8000 درهم وتبقى لك فقط 2000 درهم.
النتيجة أنه سيلاحظ الفرق بين كلا المبلغين وسيقبل بتسديد ما تبقى لك! إذن دائما ابدأ بالطلب الصعب لكي تستهدف الطلب السهل.
4ـ حيلة تحليل الشخصية والدوافع
التلاعب بمشاعر الآخرين يعني أن تكتشف الدوافع الحقيقية وراء تصرفاتهم وسلوكياتهم. الكلام الذي يقال غالبا هو سطحي، أما ما هو حقيقي وواقعي فهو مخفي لا يقال. لكي تكتشف احتياج الشخص الذي أمامك ودافعه الحقيقي تعلم أن تستمع جيدا، وقد تحدثنا عن هذا الأمر كثيرا إلى جانب فن طرح الأسئلة.
هناك شيء محدد أريدكم أن تبحثوا عنه وهو Five Whys، تعلموا كيف تطرحون سؤال لماذا. لن تكتشفوا الدوافع الحقيقية للأشخاص ما لم تتعلموا الاستماع الجيد وطرح الأسئلة الصائبة.
حين يخبرك صديقك مثلا أنه قرر ممارسة اليوغا، لا تخبره مباشرة أااوه لا تمارسها تعال معي لحمل الأثقال… سيرفض اقتراحك تلقائيا، لكن، تعلم أن تسأل لماذا اليوغا؟ لماذا ستذهب لذلك المكان؟ بماذا ستشعر وأنت تمارس اليوغا؟…
الغاية من طرح الأسئلة هو اكتشاف الدافع الحقيقي وغرس دافع جديد في مكانه. لن تستطيع تغيير سلوك شخص ما ما لم تفهم لماذا يقوم في الأصل بهذا السلوك؟!
إذن، إذا أردت تغيير حياتك الاجتماعية والعاطفية لابد أن تتعلم هذه التقنيات وتطبقها في سلوكياتك اليومية، لن تصل لنتيجة ملحوظة ما لم تبدأ بالتطبيق من الآن.
كيف يمكن للشخص أصلاح العلاقات بين طرفين ؟