هل سبق ورأيت شخصا أو تعرف صديقا ليس بذلك الذكاء الخارق، لا يمتلك جسم قوي، لا يمتلك مالا كثيرا، ومع ذلك يستطيع تكوين علاقات بسرعة، يستطيع أن يجد لنفسه مكانا بسرعة؟!! في نظرك ما الذي يساعد هؤلاء الأشخاص على امتلاك الذكاء الاجتماعي؟
في مقال اليوم سنناقش بعمق الطرق التي يستخدمها الأشخاص المتفوقون بحيث يساعدهم هذا الذكاء الاجتماعي على زيادة تفوقهم وإنجاح حياتهم الاجتماعية.
كيف تمتلك الذكاء الاجتماعي؟
بداية نستطيع تعريف الذكاء الاجتماعي بشكل مبسط على أنه القدرة على التواصل. هي مهارة إما مكتسبة عن طريق هذه التداريب التي نشاركها معكم. أو تكون مهارة بالفطرة، بحيث يكون والديك بالعادة أصحاب كاريزما قوية وقاموا بتربيتك على مجموعة من المبادئ دفعتك لممارسة الذكاء الاجتماعي بالفطرة.
هدفنا اليوم هو معرفة ما الذي يستفز مشاعر الناس؟ ما الذي يدفعك الأشخاص للتعرف عليك، والانجذاب نحوك؟ بالتأكيد، في محيطك الآن شخص غير متمدرس، لا يملك شهادات جامعية ومع ذلك الجميع يريد مصادقته. طلباتهم مقبولة ومحققة بحُكم قدرته الكبيرة على الإقناع! تذكر معي متى وأين رأيت مثل هذا النوع من الأشخاص. هذه الأسماء التي تذكرتها، دليل على أن هذه المهارات لا تُدرس في المدارس العادية، كما نقول دائما!
ما الذي يجذب الناس نحوك؟

إذا كنت تطمح لامتلاك الذكاء الاجتماعي، فلا بد أن تعرف ما هي نقاط الضعف والقوة لدى الأشخاص. ما الذي يدفعهم للانجذاب نحوك؟ وما الذي يُبعدهم عنك؟
بوضوح تام، ما يجذب الناس نحو بعضهم البعض هو الفضول، نعم الفضول! وكمواطنين في دول عربية فنحن نعلم لأي درجة الناس من حولنا فضوليين. بمجرد دخولك لمحل البقالة، تبدأ أعينهم بمراقبة أكياس تسوقك، ما الذي اشتريته؟!
ما هو راتبك الشهري؟ ما الذي تأكله؟ أين تذهب؟ أين تقضي عطلتك…؟ هذه مجرد أمثلة على ما يريد كل شخص معرفته عن الآخر. لكن، ما الذي يهمنا نحن هنا؟ ما هو الاستنتاج الذي عليك استنتاجه؟
في اللحظة التي يعرف فيها الأشخاص من حولك إجابات كل هذه الأسئلة عنك، ينتهي فضولهم تجاهك. النتيجة؟ ستقل أهميتك لديهم!
مع الأسف، وهذه نقطة تكلمنا عنها كثيرا في مقالات المدونة، هناك أشخاص لا يستطيعون كتم أسرارهم أو المعلومات المتعلقة بحياتهم رغبة منهم في الحصول على الأهمية. تتحدث عن نفسك كثيرا، تتحدث في مواضيع لا تفقه فيها شيئا، وتحاول الظهور في مظهر الأستاذ! ما الذي يحدث هنا؟ يحدث عكس ما تريد! كل هذه التصرفات لا تظهر أهميتك الاجتماعية.
ما هو أساس الذكاء الاجتماعي؟
إلى ماذا تفتقر أنت، هنا؟ تفتقر إلى الغموض!
عزيزي القارئ، الغموض هو ما يدفع الناس للانجذاب نحوك؛ وبالتالي الغموض هو أساس الذكاء الاجتماعي. الغموض هو ما يجعل الناس تريد التعرف عليك أكثر. لهذا سنشاركك الآن 3 سلوكيات يجب أن تكون فيك لتصبح شخصية غامضة.
أظهرت إحصائيات كثيرة أن فقط 1% من سكان الدول العربية، يمتلكون شخصية غامضة. يرجع هذا عادة إلى البيئة وإلى طريقة التربية. لم نتعود على كتم الأسرار، الإجابة بردود معينة، عدم الحديث عن الناس، وعدم تقمص أدوار ليست لنا. هذه المسألة الأخيرة هي أخطر ما يعيشه معظم من تراهم الآن على مواقع التواصل الاجتماعي. البحث عن الأهمية والقبول الاجتماعي يدفع العديد إلى لعب دور ليس دوره الحقيقي! في حين أنك أنت لست مضطرا لهذا الأمر، لست مضطرا لارتداء ساعة غالية، ولا ملابس ماركة أو أن تمتلك سيارة فارهة… حتى تحصل على القبول الاجتماعي.
أنت تحتاج شيء واحد، وهو أن تصبح شخصية غامضة يطمح الآخرون لمعرفة المزيد عنها.
3 سلوكيات لتصبح شخصية غامضة
1ـ كن أكثر هدوءً
النقطة الأولى في الذكاء الاجتماعي هي أن تكون أكثر هدوءا من مُحاورك. كلما كنت في نقاش أو حديث راقب الوضع، راقب الشخص الآخر. فقط كن ملاحظا! سيدعمك هذا في اللحظات التي تفتقر فيها للتقدير الذاتي.
أحيانا كثيرة، تقف أو تصادف شخصا، تظهر عليه علامات الثراء والغنى فتفقد أنت توازنك. تلقائيا، أنت تصنف هذا الشخص على أنه أحسن منك وأعلى رتبة منك. لكي تتلافى عدم الاتزان هذا، تقوم بتصرفات عشوائية لتثبت قيمتك وهنا تخسر كل شيء!
انتبه جيدا، لا يوجد شخص أفضل ولا أعلى منك، إلا في حالة واحدة! وهي حين تعطيه أنت الإذن بهذا. ما هو هذا الإذن بالضبط؟ هو الكلام الكثير، أن تقُص عليه قصة حياتك.
كيف كان يتعامل كوتش عزيز فترة عمله كتاجر؟ شاهد معي الفيديو
إذا كنت مهتما بمجال البيع والشراء، فتذكر أن الناس لا تشتري المنتج، بل تشتري الصورة التي تعطيها أنت عن نفسك. قدم قيمة اجتماعية عالية عن نفسك! لماذا الناس تتعامل بهذا الأسلوب حتى في مجال العمل؟ لأن الناس تتعامل بالعاطفة وليس المنطق!
كيف ستتأكد من هذه القاعدة؟ راقب النصابين المعروفين! لا يملكون شهادات عالية، لا يتحدثون كثيرا… مع ذلك، يعرفون كيف يأخذون أموالك. أنا أدعوك هنا للاطلاع على قصة النصاب الفرنسي الشهير كريستوف روكانكور الذي ولد في منطقة نائية في فرنسا وذهب لأمريكا حيث كسب ثروة كبيرة جراء نصبه على مشاهير هوليوود لأن لديه كاريزما عالية.
لماذا نحن إذن نتعاطف مع هذا الشخص رغم احتياله؟ بعيدا عن الأخلاقيات وعن المنطق، هناك شيء خاص يجذبنا نحو هؤلاء.
هذا الشيء الخاص هو التصرفات الغامضة التي يتصرفون بها، ونحن غريزيا وجينيا ننجذب نحن الأشخاص الغامضين.
كيف تكون غامضا في العلاقات؟
حين تكون في علاقة مع سيدة أو أنت تكونين في علاقة مع شخص، في بداية تعارفكما؛ لما يطرح السؤال المشهور: ما الذي تقوم به في حياتك؟ تبدأ أنت بسرد قصة حياتك وإخبار الطرف الآخر بكل أعمالك. فما الذي يحدث حين تبوح بكل شيء؟ تسقطون في الملل وتفقد أنت قيمتك الاجتماعية.
لكن، من جهة أخرى حين تجيب مثلا بسؤال معاكس، في نظرك ما هو عملي؟ هنا يبدأ الطرف الآخر في التفكير والتخمين وتفتحون المجال لحديث أطول.
2ـ اختصر الكلام
الأجوبة المختصرة تساعد على رفع الذكاء الاجتماعي الخاص بك، بحيث لا تخبر مخاطبك بكل ما يجول بخاطرك. على الرغم من أننا حين نبدأ محادثة نسارع بالبوح بكل الأفكار التي لدينا إلا أن هذا لن يفتح باب الفضول لدى الطرف الآخر.
شاركنا معكم هذه النقطة أيضا في موضوع كيف تتقن فن الصمت، وهو الفن الذي ينبني عليه اختصار الكلام. قد تقول أنت متى على اختصار الكلام؟ نريد الآن مشاركتك مثالا تعيشه في حياتك اليومية وإن لم تكن أنت من يقع في هذا الموقف فلا بد أنك عشته مع شخص آخر.
يلتقي بك صديق أو أحد معارفك، يقول لك، مرحبا، هل أنت بخير؟ تجيبه: لست بخير، ومن أين سيأتي الخير لو تعرف ما الذي وقع لي!! مجرد سؤال بسيط سأله الشخص لطفا منه، أنت وبدون سابق إنذار تسارع لتفريغ ما تعيشه من مشاكل.
إذا كنت تحتاج للتفريغ، فبإمكانك دائما استشارة المختصين، ولا تكن ممن ينتظر فقط فرصة التفريغ والشكوى على الآخرين. هذه السلوكيات معاكسة للذكاء الاجتماعي.
3ـ لا تتحدث عن نفسك
غالبية الأشخاص لديهم الأنا مرتفعة، كل شخص يريد أن يظهر في المكانة والرتبة الأعلى، وهنا دورك أن تستغل هذا! كيف؟ اطرح الأسئلة، تعلم كيف تطرح أسئلة صحيحة على مخاطبك ودعه يتحدث عن نفسه بدل أن تحاول أنت الحديث عن نفسك.
لست مجبرا على أن تسأل أسئلة معقدة، ركز على معرفة شعور مخاطبك في كل سؤال مفتوح تطرحه. كيف كان شعورك وأنت تجري أمام البحر؟ بماذا تشعر وأنت في تقضي وقتك في البحر؟ … كن مبدعا في دفع الناس للتعبير عن مشاعرهم، لأن هذا سيجعلك تترك بداخلهم أثرا إيجابيا، وبالتالي سيرغبون في الحديث معك مرات ومرات.
إن الذكاء الاجتماعي يعتمد على قدرتك على جعل الأشخاص من حولك يعبرون عن مشاعرهم لك بكل سلاسة وهذا أساس دورة الذكاء العاطفي التي ندعوك للاستفادة منها.
لا تركز على نفسك أثناء الحديث وكلما وجدت أن الحديث وصل لنقطة معينة انسحب من المحادثة واترك فضولا في عقلية الطرف الآخر ليعود إليك مرة أخرى.
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا