تحرير : زهرة أمزيل
نسبة كبيرة من الأشخاص داخل مجتمعنا تعاني من الوحدانية. والمقصود بهذه الأخيرة ليس أنهم يعيشون لوحدهم، لا! فقد يكونون وسط عائلة ووسط مجموعة من الناس، لكن في نفس الوقت هم وحيدون؛ منعزلون؛ ويعانون في صمت من حياة اجتماعية فاشلة.
لماذا الأغلبية تعاني من الوحدانية؟
ينقسم الأشخاص الذين يعانون من الوحدانية غالبا إلى فئتين:
الفئة الأولى هي الأكثر انتشارا، هؤلاء الأشخاص لا يحبون وظائفهم ويفضلون العزلة.
قد تكون أنت منهم! تكره عملك، ولا حياة اجتماعية لديك. والدليل أنك بعد نهاية كل يوم عمل تعود للمنزل ثم تنام. وحتى أيام العطل تستغلها في النوم، لأنك تريد أن ترتاح قبل أن تعود مرة أخرى لعملك الذي لا تحبه!
الفئة الثانية لديهم حياة اجتماعية غير متطورة ومحدودة.
تربطك علاقة بشخصين أو 3، وقد تعرفت عليهم قبل 10 سنوات إن لم يكن أكثر. تقضي معظم وقتك معهم في حيك، في نفس المكان الذي تعرفت فيه عليهم. وبالتالي النتيجة هي بقائك في دائرة الراحة، نفس الأشخاص؛ نفس المكان ونفس الأحداث .
ما الذي يعنيه أن تكون ضمن الفئة الثانية؟
ستبدأ بالشعور بالفراغ؛ لا جديد في حياتك!
ستحس بالوحدانية رغم الأشخاص الذين تعرفهم، أنت تجلس معهم لأنك لا تملك البديل.
وفي النهاية ستصبح فاشلا اجتماعيا!
لكن لماذا كل هذا؟ الفراغ؛ الوحدانية؛ الفشل الاجتماعي…؟
الجواب المباشر والبسيط؛ أنت لم تطور مهاراتك الفردية وخصوصا مهارات التواصل الاجتماعي.
حين نغوص في العمق لنعرف السبب الذي جعل معظمنا يفتقر لهذه المهارات ولا يصل للنجاح الاجتماعي، سنجد أن السبب الرئيسي يتمثل في معتقد برمج عليه الغالبية من الناس. وهو أن النجاح الوحيد والكبير هو النجاح المدرسي، تدرس؛ تنجح؛ تتوظف؛ تأخذ راتبك؛ ثم تنجح!
مع كامل الأسف المعادلة لا تتم، بل تصبح: تدرس؛ تتوظف؛ تأخذ راتب؛ ثم تصاب بالإحباط!
فماذا تقول لنفسك؟ يا ليتني أعود لسنوات الدراسة!
انتبه معي، هذه هي أهم لحظة! هنا، حين تبدأ في الحديث مع نفسك تحدث المفارقة ما بين ما حدث وما يجب أن يحدث.
لا بأس أكمل معي ستفهم الطريقة!
يقول ألبرت أينشتاين وهو من عظماء القرن العشرين:
”لو كان لدي ساعة واحدة لحل مشكلة ما، كنت سأقضي 55 دقيقة أفكر في المشكلة و 5 دقائق أفكر في الحل”.
لذلك من الضروري قبل أن تفكر في إنشاء علاقات جديدة وحتى قبل أن تتساءل:
- لماذا حياتي الاجتماعية فاشلة؟
- لماذا لم أجد شريك حياتي حتى الآن؟
- لماذا علاقاتي منحصرة في شخصين أو ثلاثة؟
حتى قبل أن تطرح على نفسك هذه الأسئلة، عليك بمعرفة من أين المشكل؟ ما هو المشكل الذي تسبب في كل هذه الأسئلة حتى تتبادر إلى ذهنك؟
تريد معرفة أين المشكل؟
إجابة مباشرة بدون لغة خشب، المشكل فيك أنت!
لهذا في المحاور اللاحقة ستتعرف على التصرفات التي تقوم بها أنت و90 في المئة من الأشخاص الآخرين. والتي تمنعكم من إنشاء علاقات ناجحة، إلى جانب بعض أهم التقنيات العملية لبدء المحادثات وتطويرها لعلاقات دائمة.
كيف يصبح الخجل العائق الأكبر لك في إنشاء العلاقات؟
أنت حاليا لديك معتقد يقول: لكي انشئ علاقات وصداقات ناجحة يجب أن أكون لطيفا، متواضعا؛ مثاليا؛ وكلامي محسوب بالحرف.
للأسف صديقي، هذا المعتقد خاطئ!
لاحظ الأشخاص الناجحين، ستجد أن غالبيتهم كلامهم قد يعتبره البعض غير راقي، يخطئون مرات، ويتأخرون على مواعيدهم مرات كثيرة!
هنا أنت يجب أن تفهم أن تواضعك ولطفك خاطئ وليس في محله. وهذا الخجل الذي تعيش به لن يوصلك إلا للمكان الذي أنت فيه حاليا.
ما دمت تقرأ هذه المقالة فأكيد أنك تعاني من نسبة كبيرة من هذا الخجل وأنت مطالب بالتخلص منه إذا أردت حياة اجتماعية ناجحة.
لكن لن يكفيك الاطلاع على المقالة لوحدها. بل يجب عليك تعلم تقنيات ومهارات معينة، ولهذا صممت دورة خاصة بتعلم فن المهارات الاجتماعية، والتي ستكون يوم السبت 26 مارس 2022 بمدينة الدار البيضاء.
خلال هذه الدورة ستعرف كيف تبني حياة اجتماعية ناجحة دون التعرض لضغوطات الآخرين، فكن سباقا لحجز مكانك.
مع هذا سأشاركك أحد التمارين السريعة لتقلل من نسبة خجلك أثناء الحديث مع الناس.
تحدث إلى الباعة والتجار، سواء داخل المراكز التجارية أو في مكاتب البيع الخاصة بالعقارات. سيساعدك الحديث مع هذه الفئة على التعود على الحديث المباشر مع الناس دون خجل أو تأتأة في الكلام.
3 تصرفات تجعل الناس يهربون منك
1- توقف عن كونك إنسان جامد.
الناس لا تحب التواجد مع شخص يوافقهم في كل شيء، نفس الرأي؛ نفس الذوق؛ نفس الروتين؛ ونفس الأسلوب في الحديث.
كما أن محاولاتك في إظهار نفسك أنك ذلك الشخص المثالي الذي لا يخطئ وليست لديه أي عيوب، هو ما يجعل الناس ينفرون منك.
الشخص الناجح لا يخجل من الاعتراف بضعفه أو فشله في الوقت المناسب. ولا يرفض إظهار الجانب الهش والحساس من شخصيته، لهذا قد تجد أشخاصا ناجحين ومشهورين يعبرون عن ذواتهم حتى بالبكاء أمام الناس.
هذه الفكرة حول عدم إبراز هشاشتك أو ضعفك خصوصا في العلاقات الزوجية ،هي أكثر الأسباب التي تؤدي الى الانفصال.
لماذا؟
لأن شريكك لا يريد أن يمضي حياته مع شخص دائما على حق، دائما مثالي وليست لدي أي نقطة ضعف.
فتذكر جيدا أن عدم اظهار الجانب الضعيف منك هو في حد ذاته ضعف.
هذا التصرف ليس فقط في جانب العلاقات ولكن أيضا في المجال العملي. فقد تكون أنت الآن تبيع منتوجات معينة، زبونك سيفضل أن تخبره بعيوب منتجك على أساس أنك ستصلحها في المرة القادمة.
مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية قاموا باستطلاع رأي حول أكثر الشخصيات المحبوبة في العالم السينمائي، وكان من ضمنها سبايدرمان و آيرون مان وباتمان. فتصدر آيرون مان الاستطلاع كأكثر الشخصيات شعبية وقربا من الناس. لماذا؟
لأنه تميز في أفلامه بإظهار لقطات خسر وفشل فيها، سواء في صراعاته أو حتى في عمله. ‘إذا شاهدت أحد أفلامه ستعرف أنه أيضا كان رائد أعمال’. على عكس سبايدرمان الذي كان يظهر فقط كالشخص الناجح والبطل في كل حالاته.
فالناس عموما تحب أن تكون على طبيعتك وبدون مثالية.
للأسف أكثر الطبقات التي تعاني من هذا التصرف الخاطئ هي الطبقة المتوسطة، وإليك المثال:
موظف عادي براتب عادي، ويعيش حياة عادية! لكن حين يجلس معك يحاول أن يظهر نفسه في مرتبة أعلى وأفضل منك.
والسبب في كل هذا هو ذلك الاحتياج الداخلي الذي لم يتم اشباعه.
2- توقف عن معرفة كل الأجوبة.
في أي موضوع يتم الحديث عنه أنت لديك الخبرة، وأي سؤال يتم طرحه أنت تملك الجواب.
يأتي صديقك أو صديقتك فقط لتتحدث معك وتفرغ ما بداخلها، وفجأة تقترحين عليها 10 حلول لمشكلتها، وكل هذه الحلول فاشلة.
في رأيك هذه الصديقة هل ستعيد محادثتك مرة أخرى؟ أكيد لا!
لكن لو حدث وعادت من جديد، كوني سباقة بإخبارها أنا لا أملك الحل لمشكلتك، لكن سأكون سعيدة بالاستماع إليك.
في هذه الحالة أظهرت قوة شخصيتك واحترمت قيمة الشخص المقابل لك.
3- توقف عن إجبار الناس على مصادقتك.
كأي شخص عادي ستجري محادثات مع أشخاص آخرين، فإذا كنت من النوع الذي يحتكر المحادثة بحيث تتحدث فقط عن نفسك، وما أنت عليه وما تمتلك، فهذا ببساطة سينفر الناس منك.
لا تجعل كلامك متسلسلا دون توقف. وهنا قد أشرت في المقالة السابقة على أهمية التحدث ببطء، كنوع من المهارات الاجتماعية التي يجب عليك تعلمها. وسنقوم بالحديث عنها مفصلا خلال الدورة الجديدة والتي ستقام حضوريا في مدينة الدار البيضاء.
وأنت تتحدث راقب الطرف الآخر، إذا لاحظت أنه لا يتجاوب معك فابدأ بترك فراغ بين جملك، بمعني تحدث لدقيقة وانتظر. هذا الفراغ سيجبره على طرح أسئلة عليك. هنا أنت جعلته يتجاوب معك وفي نفس الوقت عرفت ما الذي يدور في ذهنه.
3 خطوات لبدء حياة اجتماعية ناجحة
1- ابدأ المحادثات القصيرة
بعد أن تعرفت على أبرز التصرفات التي تجعل الناس ينفرون منك ويرفضون إنشاء علاقات معك. وقررت الآن أن تصلح هذه التصرفات، فأول خطوة لك هو تعلم كيف تبدأ المحادثات القصيرة.
هذه العملية تتطلب قواعد وتقنيات محددة، سأشاركها معكم مباشرة في الدورة الجديدة حتى تضمن أنك تعلمت الطريقة العملية والتطبيقية للدخول في حياة اجتماعية ناجحة.
2- ادرس الدائرة الاجتماعية
أغلب الأشخاص يريدون إنشاء علاقات اجتماعية مع شخصيات أفضل وأعلى منهم، لكن دون تحديد ما الذي سيقدمونه في المقابل.
كل العلاقات الناجحة باستثناء علاقتك مع والديك، تعتمد على تضارب المصالح. ما الذي ستقدمه وما الذي ستأخذه؟ فحدد هذا الشيء!
3- حدد نقاط قوتك
الأشخاص ينجذبون للشخص الواثق من نفسه ويعرف ما الذي يحفزه و يلهمه. فهذا هو المطلوب منك، حدد ما الذي تبدع فيه وأبرزه.
تقنية عملية للدخول في محادثة جديدة
استمع جيدا للشخص المقابل وافهم ما الذي يحبه، واستمر في الحديث معه حول ما يحبه. هنا أنت تستخدم مبدأ العاطفة في الحديث، والذي شرحت جزءا منه في دورة 101 اجتماعي الجديدة.
إذا كنت تعتبر نفسك محظوظا، ستكون معنا خلال هذه الدورة يوم السبت 26 مارس 2022. فماذا تنتظر؟