الكاتبة : زهرة أمزيل
سنبدأ هذا المقال برسالة تنبيهية، ما ستتعلمه من خطوات اليوم لا يدعوك لتصبح شخصا قبيحا وإنما هي دعوة للتوقف عن اللطف الزائد.
ستتساءل الآن، ولماذا أتوقف عن كوني إنسانا لطيفا؟ بكل بساطة، حين يؤدي بك اللطف لشعور تأنيب الضمير وإلى أن تتصرف على غير حقيقتك فهذا يستدعي الانتباه.
سينقسم هذا المقال إلى جزئين رئيسيين:
1: ستتعرف على أربع مؤشرات تدل على أنك تعاني من اللطف الزائد.
2: ستتعلم تمرين عملي لكي تخرج من هذا اللطف المؤذي لك.
ما هو تأثير اللطف الزائد على نفسيتك؟
كما أشرت في المقدمة، فإن خطورة اللطف الزائد تتجلى في شعورك بالندم وبتأنيب الضمير مباشرة بعد سلوك اللطف. كيف هذا؟
مثلا، حين تملك مبلغا محددا من المال، نفرض لديك 100 درهم في جيبك وبالصدفة التقيت أحد معارفك وطلب منك أن تقرضه 100 درهم! فما الذي فعلته؟ أعطيته الـ 100 درهم التي تملكها!
عدت إلى المنزل، وبدأت تسأل نفسك، لماذا أعطيته كل ما أملكه؟ ماذا سأفعل الآن؟ كيف سأتصرف بدون مال الآن؟
كل هذه الأسئلة تؤدي بك لتأنيب الضمير وقلة تقدير الذات!
من جهة أخرى، قد تكونين أنت الآن ربة بيت، كل ما لديك لإطعام أطفالك هي وجبة الغذاء التي طهوتها. فجأة يأتيك ضيوف ويشمون رائحة الطعام، أووه هذه رائحة شهية! كيف ستتصرفين؟ ستقدمين كل طعامك لهم! ما هي النتيجة؟ سيظل أطفالك وأنت معهم دون طعام!
هذه مجرد أمثلة بسيطة لبعض سلوكيات اللطف الزائد التي تؤدي بنا في نهاية الأمر إلى كره أنفسنا وتأنيبها.
4 مؤشرات تدل على أنك تعاني من اللطف الزائد
من أقوى المؤشرات على كونك لطيفا أكثر من اللازم، هو قبولك لكل طلبات الآخرين. المقصد هنا ليس أن تتوقف عن المساعدة أو العطاء وإنما أن يكون قبولك وموافقتك على أي طلب نابع من رغبة شخصية منك وليس لكونك غير قادر على قول ‘لا’.
2ـ تَتحمل مسؤولية حياة الآخرين
إذا كانت حياتك الآن جيدة وحياة المحيطين بك عكس ذلك، فأنت تعتبر نفسك مسؤولا عن الأمر. هذا الاعتقاد أمر خاطئ.
كونك تعيشين حياة زوجية جيدة فأنت لست السبب في معاناة صديقتك مثلا في علاقاتها. أو أنك الآن رجل أعمال ناجح، فصديقك الذي يعاني لا يعاني بسببك.
كل شخص يعيش استحقاقه، عملك أنت اشتغلت عليه لذلك تستحق النجاح؛ نفس الأمر ينطبق على كل جوانب الحياة.
3ـ لا تعطي الأولية لنفسك
تذكر المثال السابق؟ ربة المنزل التي قدمت ما تملكه من طعام لضيوفها؟ هذا المثال ينطبق 100% على المؤشر الثالث لـ اللطف الزائد.
لاحظ حياتك اليومية، ما هي السلوكيات التي تقوم بها وتفضل فيها الآخرين عن نفسك؟ تقدم ما لديك وما تملكه لإرضائهم وفي الأخير تعيش تأنيب الضمير.
للإشارة فقط، ولكي نكون واضحين في هذه النقطة، الشخص أو المجموعة التي تطلب منك شيئا سواء مالا أو طعاما وهي تدري أن ما تملكه يكاد يكفيك أنت فتأكد أن هذه وقاحة منهم ويجب عليك تعلم كيف تتصرف مع هذه الفئة.
4ـ تتأثر بسرعة بحالة الآخرين
الجملة التي تشرح هذا المؤشر الرابع بسهولة هي الحساسية الزائدة تجاه الأشخاص. تأتي مثلا صديقتك وتحكي لك مشكلتها مع زوجها فتتأثرين بها وتفكرين فيها حتى بعد انتهاء لقائكما.
من الصعب أن تتخلص من اللطف الزائد ما لم تعالج تأثرك بالمشاعر السلبية للآخرين، وهنا أعيد التذكير بأهمية تعلمك لكيفية إدارة المشاعر والتحكم فيها.
سيؤدي تواجد هذه المؤشرات الأربعة في شخصيتك إلى فقدان التقدير الذاتي لنفسك وبالتالي غياب حدودك الشخصية. المشكل الحقيقي ليس في كونك لطيفا مع الآخرين وإنما حين تزداد درجة لطفك يصبح الآخرين متعودين على هذا؛ إذن ستصبح مجبرا على أن تستمر في كونك لطيفا معهم!
كيف تتخلص من اللطف الزائد؟
ما دام هذا اللطف الزائد والمعاناة التي تأتي منه مرتبطة بالناس، فلا بد أن تقوم بتصنيفهم. كيف ذلك؟
1ـ خذ ورقة وقلم واكتب كل أسماء الأشخاص الذي يستغلون لطفك لصالحهم.
2ـ بجانب كل اسم، اكتب التصرف الذي يستغلك به، يقترض مالك؟ يأكل طعامك؟ يأخذ من وقتك؟ لماذا يجب ألا تكون لطيفا معهم؟
3ـ اكتب ردة فعلك تجاه كل شخص، حين يطلب منك الآخر شيئا ماذا ستفعل أو ماذا ستقول؟
هذا التمرين ليس نظريا وتخلصك من اللطف الزائد ليس نظريا كذلك، لهذا التطبيق والتدريب أمران ضروريان.
لاحظ الأشخاص الذين كتبت أسمائهم، صنفهم من الأسهل إلى الأصعب وابدأ بالأسهل. سيساعدك هذا على التعود على المواجهة وممارسة ردود الفعل التي كتبتها على الورقة.
لن يكون الأمر سهلا وقد تواجه سلوكيات عنيفة من البعض منهم، لذلك كن مستعدا لكل الاحتمالات!
اللطف ليس هو المشكل وإنما استغلال لطفك. اكتشف المؤشر الذي تعاني منه، عالج الأمر، طبق التمرين السابق وضع حدودا لشخصيتك الجديدة.