لا شك أنك ستقابل أشخاصًا لا يهاجمونك مباشرة، ولكنهم يتقنون فن التلميح، التشكيك، أو التقليل منك بكلمات ظاهرها هادئ وباطنها مليء بالسم!
هذا النوع من الهجوم اللفظي غير المباشر لا يقل قسوة عن الشتائم الصريحة، بل قد يكون أكثر إرباكًا لأنه يستهدف كيانك دون أن يترك دليلاً واضحًا يدينهم.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف ترد على الهجوم اللفظي غير المباشر؟ كيف تدافع عن نفسك دون أن تظهر بمظهر الشخص الحساس أو المتوتر؟
ثلاثة مواقف تستوجب الرد الذكي على الهجوم اللفظي غير المباشر
قبل أن تتعلم كيفية الرد، عليك أن تدرك المواقف التي تتطلب ردًا. لا تصمت حين:
1ـ يُقاطعك أحدهم بشكل متكرر: ليس لأن كلامك ممل، بل لأنه لا يحترمك.
المقاطعة المستمرة رسالة واضحة: “أنت لا تستحق أن يُنصَت إليك.” وهذا يُشعرك بالضيق حتى دون وعي.
الاستجابة هنا لا تكون بالصراخ أو التبرير، بل بإظهار أنك منتبه للإهانة دون أن تنفعل.
2ـ انتقاد مقنّع بالنصيحة: يأتيك الشخص ويقول: “أنت مثل أخي، فقط أنصحك…” ثم يبدأ بسرد عيوبك وتضخيمها.
هذا النوع من الأشخاص يستخدم قناع المحبة ليخترق دفاعك ويصيبك في أعمق نقاط ضعفك. لا تسكت. تحلَّ بالهدوء، وركّز على الجملة التي لم تعجبك.

3ـ تدليس الكلام وتحويره: يعطيك إحساسًا بأن رأيك خاطئ أو أنك غير وطني أو سطحي فقط لأنك عبرت عن وجهة نظر مختلفة.
هؤلاء يغيّرون سياق كلامك، ويجعلونك تبدو وكأنك شيطان. الرد هنا لا يكون بعنف، بل بكشف نواياهم.
قبل الرد… اضبط جسدك وانتبه لحركاتك اللاواعية
مهما كانت براعتك في الردود، لن تُجدي نفعًا إن لم تكن هيئة جسدك صادقة وقوية. قبل أن ترد:
- 1ـ تنفّس من معدتك: التنفس العميق يقلل من التوتر ويمنحك حضورًا أقوى.
- 2ـ تثاقل في ردود أفعالك: لا تتسرع، تأخر قليلًا قبل الرد. هذا يربك الطرف الآخر ويمنحه انطباعًا بأنك متحكم في نفسك.
- 3ـ ثبّت نظرك: لا تهرب بعينيك. النظرة الثابتة تمرّر رسالة غير منطوقة بأنك قوي وواثق.
هذه الخطوات الثلاثة تُرسّخ حضورك قبل حتى أن تنطق بكلمة واحدة.
ثلاث جمل سحرية تقلب الموقف لصالحك
عندما يزعجك أحدهم بجملة تحمل سمًا خفيًا، لا ترد عليها مباشرة. خذ ثانية، حدد الكلمة التي أزعجتك، ثم استخدم واحدة من هذه الردود الذكية:
- “إذا فهمت جيدًا، فأنت تقصد أن…”
هذه الجملة تسلط الضوء على النية خلف الكلام وتكشف ما بين السطور. مثلًا، إن قال لك أحدهم: “كبرنا بك”، فاجبه: “إذا فهمت جيدًا، تريد أن تقول إنني لم أكن شيئًا وكبرت بفضلك؟”
- “تلك التي تسميها كذا، أنا أسميها كذا…”
هذه الجملة تفكك المعنى الذي أراده الطرف الآخر وتعيد تعريفه. مثلًا: “تلك التي تسميها كبرنا بك، أنا أسميها فترة كنت أساعدك فيها لأنك لم تكن تعمل.”
- الجملة العاكسة للنية:
بعد أن تحلل العبارة المسيئة، رد بجملة تكشف وجهة نظرك وتُحرج المتحدث دون إساءة. هذه الطريقة تعري المتنمر وتظهره على حقيقته.
لا تجعل الحساسية تقودك
ما يجب أن تتعلمه هنا هو أن الحساسية المفرطة تجاه الكلام قد تجعلك فريسة سهلة.

جزء من القوة النفسية هو أن تتصالح مع نقاط ضعفك. لا أحد مثالي، وهذا يشملك أنت أيضًا. لا بأس أن يراك الآخرون كما أنت، لكن لا تسمح لهم أن يلووا كلامك ليجعلوك أضعف مما أنت عليه.
الرد ليس معركة… بل فن
أن ترد على الهجوم اللفظي غير المباشر لا يعني أنك تخوض حربًا، بل يعني أنك تمارس نوعًا من الذكاء الاجتماعي والاحترام الذاتي.
الرد الذكي لا يُظهر فقط قوتك، بل يجبر الطرف الآخر على إعادة حساباته. ومع الممارسة، يصبح هذا الرد عادة.
تدرب على هذا الفن في الحياة اليومية
المهارة لا تُكتسب بالمشاهدة فقط، بل بالتطبيق:
- لا تنتظر المواقف لتحدث
- افتعل النقاش
- اختبر ردودك
- تدرّب على لغة جسدك
- تعلم الصمت الاستراتيجي
الناس الذين تراهم واثقين على الشاشات لا يملكون شيئًا لا تملكه، فقط تدربوا أكثر.
هل تريد أن تتقن هذا الفن بالكامل؟
في برنامجي التدريبي الجديد “حدود صحية: اجعل حدودك تُحترم واسترجع السلام الداخلي”، سنخصص محورًا كاملاً لهذه المهارة.
سنقدم لك الجمل السحرية، ونمارسها سويًا، ونصقلها حتى تصبح جاهزة في لسانك وقت الحاجة. الدورة حضورية في مدينة الدار البيضاء في شهر شتنبر القادم.
سجّل معنا من خلال هذا الرابط. المقاعد محدودة، ولا نعيد مثل هذه الدورات كثيرًا.
وسؤالي لك:
ما أكثر موقف شعرت فيه أنك تعرضت لهجوم لفظي غير مباشر، ولم تعرف كيف ترد؟
اكتب تجربتك في التعليقات، ربما يجد غيرك في قصتك قوة للرد.
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا