في مجتمعاتنا العربية، هناك فكرة مترسخة تقول إن “الناس تعرف مصلحتك أكثر منك”. الجميع يريد أن يرشدك: البقال، الحارس، العم، وحتى الجد. لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن هذا النوع من الوصاية الذي يبدو في ظاهره حرصًا، هو في حقيقته فيروس اجتماعي يدمّر حريتك الشخصية ويستهلك طاقتك دون أن تشعر.
إن كنت تستيقظ كل صباح وتضبط تصرفاتك كي لا تزعج أحدًا أو لا تجرح مشاعر شخص ما، فاعلم أنك لا تعيش أسلوب العيش الخاص بك، بل أسلوبًا صنعه لك الآخرون.
ما هو فيروس الوصاية؟
الوصاية هي أن يقرر الآخرون ما يناسبك، دون أن يتركوا لك مساحة لتجربة الحياة بطريقتك. هي تلك الجملة الشهيرة: “أنا أعرف مصلحتك أكثر منك”. ومع الوقت، يتحول هذا المنطق إلى نظام ضغط خفي، يجعلك تراجع نفسك في كل خطوة، وتفكر ألف مرة قبل أن تقول أو تفعل شيئًا فقط لأن أحدهم قد لا يعجبه الأمر.
وللأسف، هذا الفيروس تغذّى على تراكمات ثقافية ودينية مشوهة، استعملها الناس لتبرير تدخلهم في حياة غيرهم. والنتيجة؟ جيل كامل يعيش حياة لا تشبهه، فقط لأنه خاف من جرح الآخرين أو كسر القواعد الاجتماعية.
لكن، لتتحرر من هذه الدائرة، يجب أن تبدأ من نفسك!
3 خطوات عملية لكي تمتلك أسلوب العيش الخاص بك
أولًا: ضع نظام قيمك الشخصي
قبل أن تسأل “كيف أتحرر من وصاية الآخرين؟”، اسأل نفسك:
ما هو نظام القيم الذي أعيش به؟ ما الذي أريده من حياتي؟ ومن هم الأشخاص الذين أريد وجودهم فيها؟
نظام القيم ليس شعارًا تكتبه، بل هو بوصلة توجه قراراتك اليومية. حين تكون واضحًا بشأن ما يهمك، لن تكون مضطرًا لتبرير اختياراتك كل مرة. ستعرف من يستحق البقاء قربك ومن يجب أن تتركه.

في حياتك المهنية مثلًا، هناك عملاء يمنحونك التقدير والثقة، وآخرون يستنزفون وقتك ولا يدفعون مقابلًا عادلًا. الأول يستحق أن تبني معه علاقة طويلة، أما الثاني فهو “عميل ميكروب”، وجوده في حياتك خطأ إداري قبل أن يكون خطأ شخصيًا.
اعرف قيمك، وستعرف من أنت. لأن من لا يملك نظام قيم واضح، يعيش حياة الآخرين وهو لا يدري.
ثانيًا: تعلّم افتعال النزاعات الصحية
كثير من الناس يظنون أن النزاع شيء سلبي يجب تجنبه. لكن الحقيقة أن النزاعات الصحية هي ما يطور العلاقات ويكشف الحدود.
عندما ترفض التبرير الدائم، أو ترفض السكوت عن تجاوزات الآخرين، فأنت لا تخلق مشكلة، بل تدرب الناس على احترامك.
في الواقع، أكثر الأشخاص الذين يتعلمون احترامك هم الذين “احتكوا بك” يومًا في نزاع صادق وواضح. وإن كنت من الذين لا يستطيعون قول “لا”، فاعلم أن تجنب المواجهة هو استسلام مقنّع.

تعلم أن ترفض، أن تتغافل، وأن تمارس الاستفزاز البناء أحيانًا. لأن الشخص الذي لا يمكن إرباكه لا يمكن السيطرة عليه.
اطلع على كورس الذكاء العاطفي في إدارة النزاعات!
ثالثًا: لا تبحث عن التوازن في كل شيء
هناك خرافة منتشرة اسمها “الحياد الدائم”. الناس تحاول أن تبقى في المنتصف، ألا تزعج أحدًا، وألا تصرح بموقف واضح.
لكن من يعيش دائمًا في المنتصف يعيش بلا متعة! التوازن المبالغ فيه يجعلك بلا موقف، بلا لون، وبلا هوية.

الزواج مثلًا لا يحتمل الحياد: إما أنك متزوج وتعيش التجربة كاملة، أو لست كذلك. العمل كذلك: إما أنك موظف فعّال تقدم شيئًا حقيقيًا، أو أنك فقط “تحرر راتبك” آخر الشهر.
إذن، توقف عن العيش بنسبة 50%. عش قراراتك بـ 120%.
تحرر من الناس ولا تبرر خطواتك
هناك أشخاص سيكرهونك فقط لأنك تتنفس بطريقة لا تعجبهم. سيزعجهم عطرك، ضحكتك، وحتى طريقة مشيك.
هذا واقع يجب أن تتقبله: لن يرضى عنك الجميع، مهما حاولت.
لهذا، توقف عن التفكير في “كيف يراني الآخرون؟”، وابدأ بالسؤال:
هل أعيش وفق ما أراه صحيحًا؟ هل أستمتع بحياتي دون تبرير؟
حين تملك أسلوب العيش الخاص بك، لن تعود تلهث خلف إعجاب أحد، ولن تبرر قراراتك. ستتعلم أن تحمي وقتك، طاقتك، وحدودك.

التحرر من وصاية الآخرين ليس مجرد قرار، بل مهارة تحتاج تدريبًا، ووعيًا، ونظامًا واضحًا للقيم.
لهذا السبب صممنا في الأكاديمية دورات متخصصة مثل الذكاء العاطفي والاجتماعي، ودورة إدارة النزاعات وبناء الحدود الصحية (قريبا ستتوفر أونلاين)، لتتعلم عمليًا كيف تفرض أسلوبك الخاص دون أن تتحول إلى شخص عدواني أو منعزل.
كل هذه الدورات متوفرة في موقع الأكاديمية، ويمكنك الانضمام إليها للاستفادة من التمارين التطبيقية والتوجيه العملي الذي سيغير نظرتك لعلاقاتك وحدودك الشخصية.
ادخل الموقع الآن، وابدأ أول خطوة نحو امتلاك أسلوب العيش الخاص بك.
سؤالي لك، الآن:
هل تعيش اليوم وفق أسلوبك الخاص، أم لا تزال تخاف من جرح أحدهم؟
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا