في هذا العصر، أصبحت المشاعر سلاحًا يُستخدم ضد أصحابها. من لا يعرف كيف يدير مشاعره، فهو معرض للاستغلال والانهيار في كل موقف يتطلب توازنًا.
لقد رأيتُ كثيرين يفقدون فرصًا ثمينة، لا لضعف في كفاءتهم، بل لخلل في إدارتهم العاطفية. وهنا تحديدًا يظهر جوهر ما أسميه إدارة الذات الاجتماعية.
ما الذي تتطلبه إدارة الذات الاجتماعية؟
أن تكون عاطفيًّا لا يعني أن تكون صادقًا 100%!
كما أن التعبير عن مشاعرك لا يعني بالضرورة أنك قوي. هناك فرق بين أن تشعر، وأن تكون مشاعرك مكشوفة لكل من هبّ ودبّ.
من يندفع في لحظة انفعال، ثم يبدأ في التبرير والتوضيح، يفتح الباب للآخرين كي يتحكموا فيه، ويحكموا عليه.

في كل مرة تقول فيها “أنا فقط كنت غاضبًا” أو “لم أقصد ما قلته”، فإنك تعطي انطباعًا بأنك لا تتحكم في نفسك. أما من يتقن إدارة ذاته، فهو لا يحتاج إلى أن يبرر، ولا يُضطر إلى أن يعتذر عن كل كلمة نطق بها في لحظة ضعف.
1ـ مشاعرك ليست ملكًا عامًا
لا تفتح بوابة مشاعرك لكل من حولك. ليس كل زميل أو صديق أو قريب مؤهَّلًا ليعرف ما بداخلك. هناك مشاعر تُقال، وأخرى تُحتفظ بها لأن نضجك يفرض عليك ذلك.
إدارة الذات الاجتماعية تبدأ من لحظة وعيك بأن مشاعرك ليست بطاقة عبور تمنحها للآخرين كي يشعروا بالقرب منك أو كي يستغلوك.
العطاء العاطفي المفرط ليس دليلاً على طيبة القلب، بل في كثير من الأحيان، مؤشر على هشاشة داخلية لم يتم التعامل معها بعد.
2ـ الصمت ليس ضعفًا… بل سيطرة
في بيئة يسودها الصخب، يصبح الصمت سلطة.
ليس كل موقف يستحق تعليقًا، وليس كل سؤال يتطلّب جوابًا. أحيانًا، أعظم رد هو الصمت، لأنك في تلك اللحظة تؤكد للطرف الآخر أنك واعٍ، متزن، ولا يمكن استفزازك بسهولة.
حين تصمت بوعي، فأنت لا تهرب، بل تختار أن تُبقي كرامتك وموقعك محفوظين. حينها، تبدأ الناس بإعادة حساباتها تجاهك.
3ـ لا تَبنِ قراراتك على مشاعر مؤقتة
كم من شخص اتخذ قرارًا مصيريًّا لأنه شعر بشيء لحظي… اندفع، وثق، تكلّم، ثم ندم. العاطفة لا تصلح أن تكون بوصلة، لأنها تتغير. أما الفهم، والقراءة العميقة للواقع، فهما الأساس في اتخاذ قرارات متّزنة.
إدارة الذات الاجتماعية تعني أن تسأل نفسك دائمًا: هل هذا الشعور حقيقي أم لحظي؟ هل الطرف الآخر يستحق هذا الكم من الثقة؟ هل الموقف يتطلّب تعبيرًا أم صمتًا؟

افهم أكثر عن هذا الموضوع في هذه المحاضرة المجانية
4ـ لا تنتظر أن يفهمك الجميع
من أكبر أخطاءنا أننا نعتقد بأن من حولنا يجب أن يفهمونا، وأن أيّ سوء فهم يتطلب توضيحًا فوريًّا.
الحقيقة؟ من يهتم بك حقًّا، سيحاول أن يفهمك دون أن تشرح. أما من يُسيء الظن دومًا، فهو لا يبحث عن الفهم، بل عن نقطة ضعف.
القاعدة الذهبية هنا: التبرير المتكرر يُفقدك تأثيرك، ويجعلك في موقع دفاعي دائم. والحل؟ توقف عن الشرح المستمر، وابدأ في تقوية حضورك الصامت.
السيطرة الداخلية هي طريقك نحو التأثير الخارجي
حين تدير ذاتك بذكاء، تُصبح أقدر على التأثير في الآخرين. لا لأنك تتكلم كثيرًا، بل لأنك تختار متى وكيف تتكلم. لا لأنك تُبدي كل ما في داخلك، بل لأنك تعرف بالضبط متى تُظهر، ومتى تخفي.
إذا شعرت أن هذه النقاط تلامسك، وتحتاج إلى تدريب حقيقي على تطبيقها، أدعوك للانضمام إلى دورة “حدود صحية” التي أُقدّمها في مدينة الدار البيضاء، أو لمتابعة نسختها المسجلة على منصة الأكاديمية.

متى كانت آخر مرة شعرت فيها بأن مشاعرك قادتك إلى قرار ندمت عليه؟ وما الذي كنت ستفعله لو كنت أكثر وعيًا بها؟
شارك تجربتك… فلعل مشاركتك تُلهم غيرك للبدء في ضبط ذاته أيضًا.
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا