هل سبق أن واجهت شخصًا تعرف أنه أقل منك وعيًا أو علمًا، ومع ذلك يمنح نفسه الحق في أن يعطيك الدروس، ويتدخل في حياتك الخاصة وكأنه وصيٌّ عليك؟
هذا النوع من الأشخاص لا يزعجه أنه يتجاوز حدوده، بل يزعجه أنك لا تقبل ذلك منه.
هذا ما نتحدث عنه اليوم في موضوع التعامل مع الأشخاص السلبيين، وكيف تضعهم في مكانهم الصحيح دون أن تفقد قيمتك أو احترامك لنفسك.
من هو الشخص السلبي أو “الميكروب الاجتماعي”؟
الشخص السلبي الذي يهاجمك أو يتدخل في حياتك ليس بالضرورة شخصًا جاهلًا، لكنه مليء بالعُقد، يفتقر إلى الشجاعة ليواجه نفسه، فيحاول أن يفرض على الآخرين أسلوبه في التفكير والعيش.
هو لا يريد أن يفهم أن العالم متنوع، وأن كل إنسان له طريقته الخاصة. بالنسبة له، الطريقة الصحيحة هي طريقته فقط. ولهذا تجد أنه يهاجمك لأنك مختلف عنه، لا لأنك مخطئ.
أحيانًا يكون هذا الشخص زميلًا في العمل، أو قريبًا في العائلة، أو حتى شخصًا في محيطك الاجتماعي، يراك ناجحًا أو واثقًا بنفسك فيبدأ بمحاولة التقليل منك أو فرض آرائه عليك. وهذه الظاهرة أصبحت أكثر انتشارًا اليوم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت الجميع يشعر بأن لديه الحق في انتقاد أي شخص في أي وقت.

لماذا لا ينفع اللطف في التعامل مع الأشخاص السلبيين؟
الكثير من الناس يحاولون التعامل مع هؤلاء الأشخاص بلطف أو تجاهل، لكن الصمت لا يُفهم كقوة، بل يُفسَّر كضعف. لذلك، الحل ليس في المجاملة أو التبرير، بل في الحزم.
أول خطوة في التعامل مع هذا النوع هي أن يكون لديك عامل القسوة، أي أن تكون واضحًا وثابتًا، لا عدوانيًا، بل صارمًا بما يكفي ليعرف الطرف الآخر أنك لن تسمح له بتجاوزك.
حين تواجه شخصًا يقلل من احترامك، لا تدخل معه في نقاش عاطفي أو فلسفي. كن محددًا وواضحًا، وصف له تصرفه كما هو.
لا تشتمه، لا ترفع صوتك، فقط ضع أمامه الحقيقة التي يتهرب منها. لأن الشخص السلبي يختبئ خلف غموض الكلمات وعبارات التلطيف مثل “أنا أمزح” أو “لا تأخذها على محمل الجد”، وعندما تسحب منه هذا الغطاء، يتراجع فورًا.
من أين يأتي خوفك من المواجهة؟
كثير من الناس يتراجعون عن الرد في مثل هذه المواقف لأنهم يخافون من الشعور بالذنب.
يظنون أن المواجهة قسوة، وأن الحزم قلة أدب.
لكن الحقيقة أن هذا الشعور بالذنب ليس نابعًا من ضمير حي، بل من تربية اجتماعية جعلتنا نربط قيمتنا برضا الآخرين عنا.
بعد أن تبدأ بفهم أهمية المواجهة دون شخصنة، ستتوقف عن تبرير ضعفك، وستعرف أن قول “كفى” لا يجعلك إنسانًا سيئًا، بل شخصًا يحترم نفسه.

لماذا يجب أن تكون حازمًا؟
الأشخاص السلبيون لا يؤمنون بالعلاقات المتوازنة. إما أن يراك أضعف منهم فيتجرؤون عليك، أو يرونك أقوى منهم فيتراجعون ويعاملونك باحترام.
لهذا السبب، عندما تكون حازمًا منذ البداية، فإنك تختصر على نفسك الكثير من المواقف المزعجة لاحقًا.
المواجهة هنا ليست حربًا، بل توضيحًا بسيطًا لحدود التعامل، فللأسف، هؤلاء الأشخاص لا يتغيرون بالكلمات الطيبة فقط، بل بالمواقف الصارمة التي تعيدهم إلى مكانهم الحقيقي.
اطلع على هذا الكورس لتتعلم أكثر عن كيفية النزاع والمواجهة!
التعاطف الزائد سبب كثير من المشاكل
من أكبر الأخطاء أن تتعاطف مع من يسيء إليك.
بعض الناس يسامحون مرارًا ويبررون الأذى لأن قلوبهم طيبة، لكن التعاطف الزائد يجعل الإنسان يُستغلّ، ويكرر نفس الدروس المؤلمة.

كما تحدثت سابقا، المجتمع اليوم مليء بأشخاص يعانون من اضطرابات نفسية ناتجة عن هذا النمط من التفكير العاطفي الزائد.
لذلك، إذا كنت تمر بتجارب متكررة من الإهانة أو الاستغلال، توقف لحظة واسأل نفسك: هل أنا أتعاطف أكثر مما يجب؟
التعاطف لا يعني أن تسمح للآخرين بالتجاوز، بل أن تفهم نيتهم وتتعامل وفقها دون أن تظلم نفسك.
ابنِ موقفًا واضحًا ولا تتراجع
المواجهة وحدها لا تكفي، بل يجب أن تتبعها قرارات واضحة.
حين تتخذ قرارًا تجاه شخص سلبي، التزم به حتى النهاية. لا تعتذر بعد يومين ولا تحاول إصلاح ما لم يُفسد منك، لأن التراجع بعد المواجهة يُفسَّر كضعف، ويعيد الشخص إلى عاداته القديمة.
ومن الناحية العملية، حاول أن تبعد نفسك عن بيئات سامة أو تجمعات تستهلك طاقتك. لا تجلس مع أشخاص أقل وعيًا أو احترامًا وتنتظر أن يتغيروا، لأنهم لن يفعلوا.
ولا تنسَ أن ضبط أعصابك وردّك بطريقة متزنة يتطلب مهارات الذكاء العاطفي والاجتماعي التي يمكنك تعلمها وتطويرها، وهي نفس المهارات التي نقدّمها في دوراتنا العملية المتاحة عبر الأكاديمية.
تعرف عليها هنا، واستفد من العرض التخفيضي!
في الأخير، أخبرني في التعليقات: هل هناك شخص سلبي في حياتك تعرف أنك أفضل منه، ومع ذلك تسمح له بأن يقلل من قيمتك؟
كلامك في قمة النضج و الحكمة. نستفيد منكم كثيرا . شكرا
واحدة من متتبعاتك