التواصل الحازم: كيف تواجه حشو الكلام وتحافظ على احترامك

التواصل الحازم

الحياة اليومية مليئة بالمواقف التي تختبر صبرك. كلمة ساخرة في اجتماع، تعليق جارح في مناسبة عائلية، مزحة ثقيلة على حسابك، أو جملة مقصودة لتحطيم صورتك أمام الآخرين.

إذا تعاملت مع هذه المواقف بالصمت أو المجاملة المفرطة، فأنت ترسل رسالة خاطئة: أن الأمر عادي ويمكن تكراره.

هنا يأتي دور التواصل الحازم!

الحزم لا يعني الصراخ أو الخصام، ولا يعني أن تصبح عدوانيًا، بل أن تعرف كيف تقول توقف بطريقة واضحة، تحافظ بها على كرامتك وتضع للآخر حدودًا يعرف أنه لا يستطيع تجاوزها.

لماذا الناس يلجأون إلى حشو الكلام؟

لو فتشت في النوايا ستجد أن أغلبها تدور في ثلاث دوائر واضحة:

  1. حب السيطرة:

هناك أشخاص يعتقدون أن قيمتهم ترتفع حين يقللون من الآخرين. حين يرمي لك تعليقًا فيه استصغار فهو يختبر قدرتك على الرد. إذا سكت فأنت أعطيته السلطة التي يبحث عنها.

التواصل الحازم
  1. الغيرة والحسد:

نجاحك، إنجازك، أو حتى طريقة حضورك قد تُثير في الآخرين شعورًا سلبيًا. بدلاً من أن يطوروا أنفسهم، يلجؤون إلى تقليل قيمتك بالكلام. وهنا لا يهم إن كان كلامهم منطقيًا أو لا، ما يهم أنهم وجدوا طريقة يخففون بها إحساسهم بالنقص.

  1. الانتقام أو التصفيات القديمة:

قد يكون بينك وبين الشخص موقف سابق، لم يواجهك به مباشرة، فقرر أن يطعن بكلمة أمام الناس، هذه طريقته في تصفية حسابه معك.

فهم هذه الدوافع مهم، لكنه ليس الغاية. لأن الدخول في تحليل مطول يقودك إلى التوتر والقلق، فقط: فتُفكر يومًا كاملًا في “ماذا قصد؟” و“هل قالها عن عمد؟”. بينما الطريق الأذكى أن تعود مباشرة إلى التواصل الحازم.

كيف تُمارس التواصل الحازم في هذه المواقف؟

  1. سمِّ السلوك مباشرة

بدلاً من الهجوم على الشخص أو تبرير كلامه، ضع يدك على السلوك. قل له: “هذا الكلام غير مناسب.” أو “هذا خارج عن الموضوع.” بهذه البساطة تُظهر أنك انتبهت وتتصرف بوعي، لا برد فعل عاطفي.

  1. حد قصير + انتقال إلى الأصل

التواصل الحازم ليس وقوفًا عند المشكلة، بل إغلاقها ثم العودة للهدف. مثلًا: “لن أقبل هذا الأسلوب… دعنا نكمل من حيث توقفنا.” هنا أنت أوضحت الحد وأرسلت رسالة أنك لن تُستنزف أكثر.

التواصل الحازم
  1. نتيجة عند التكرار

    أغلب الناس يختبرون الحدود. إذا رأوا أنك جاد سيتوقفون. أما إذا كرروا الفعل بعد تنبيهك، فلا بد من إجراء. مثلًا: “سبق أن نبّهتك… سأوقف النقاش الآن ونكمله كتابيًا.” أو “بما أن الأمر يتكرر فسأرفع الموضوع للمسؤول المباشر.

أمثلة عملية من الحياة

في مناسبة عائلية، خال أو قريب يلمح بسخرية: لا تبقى مبتسمًا. قل له: “ماذا بك؟” كلمة قصيرة لكنها تقطع طريقه وتجبره على التوقف.

في بيئة العمل، زميل يقلل من مجهودك في اجتماع: رد عليه بهدوء “لنحول النقاش إلى النتائج بدل المزاح.” الكل سيفهم الرسالة.

حتى في العلاقات القريبة: إذا حاول أحدهم أن يضغط عليك بحجة الدين أو الأخلاق ليتجاوز حدوده، من حقك أن تقول: “أنا مرتاح أني لا أقبل هذا الأسلوب.”

أخطاء تفقدك قوة الحزم

كثير من الناس يقعون في نفس الأخطاء:

كيف يحميك التواصل الحازم نفسيًا؟

الحزم ليس مجرد جملة، بل حماية لطاقتك.

التواصل الحازم ليس قسوة، وليس عدوانية، بل أسلوب حياة. الناس لن يتوقفوا عن الكلام، لكنك قادر أن توقفهم عند حدودك. كل كلمة حازمة تختصر عليك ساعات من التحليل والتفكير، وكل موقف واضح يعيد ترتيب مكانتك أمام نفسك وأمام الآخرين.

إذا أردت أن تتقن التواصل الحازم بشكل عملي، تحتاج إلى تطوير أدواتك في الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي.

هذه المهارات تساعدك على صياغة الجملة المناسبة، ضبط نبرة صوتك، واتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.

في الأكاديمية، هناك دورات كاملة في هذه المجالات، مليئة بالأمثلة الواقعية والتمارين التطبيقية. لا تؤجل، لأنك كلما تأخرت كلما زادت دائرة الاستنزاف في حياتك.

سؤال للنقاش

آخر مرة وُجه إليك كلام ساخر أو جارح، كيف تعاملت معه؟ هل رددت بحزم أم فضّلت الصمت؟ وما الجملة التي ترى الآن أنها كانت الأنسب للرد؟

تعليقان اثنان على “التواصل الحازم: كيف تواجه حشو الكلام وتحافظ على احترامك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *