إذا أردت أن تُعامل باحترام، فلا تبدأ من تقديم صورتك كإنسان “طيب” أو “ظريف” أو “متفهم” أكثر من اللازم. العالم لا يكافئ النوايا، بل يكافئ السلوك الذكي. والناس – خاصة في البيئات المهنية أو العائلية المعقدة – لا يبالون بما تشعر به إذا كان ذلك لا يخدم مصالحهم.
في هذا السياق، يظهر الذكاء الاجتماعي كأداة حاسمة للبقاء، وليس مجرد مهارة للتواصل اللطيف.
كل من يحاول استغلالك يبدأ بوضعك في دور الضحية: يجعلك الطرف الضعيف، الطرف الذي يجب أن يشرح، أن يبرر، أن يعطي… حتى تُستنزف دون أن تشعر.
لا تسمح لأحد أن يحدد موقعك في المعادلة
الناس لا يحددون موقعك في حياتهم فقط بما تعطيهم، بل أيضًا بمدى قدرتك على قول “لا”. من يراك دائم التنازل، سيستفيد منك حتى آخر قطرة، ثم يتهمك بالأنانية إذا توقفت. ومن يراك دائم التفسير، سيجرك إلى حفرة لا نهاية لها من التبريرات.
الخطوة الأولى في الذكاء الاجتماعي هي أن ترفض دور الضحية. لا تقبله حتى لو بدا مريحًا. لا تدخل في علاقة تُبنى على الشفقة، ولا تستمر في محيط يتغذى على طيبتك.
إذا شعرت أنك تكرر عبارة “أنا آسف، لم أقصد”، أو “دعني أوضح موقفي”، أو “أنا فقط كنت أحاول أن أكون لطيفًا”، فاعلم أنك دخلت في لعبة خاسرة. لأن الشخص الذي يحترمك لا يدفعك لتبرير كل شيء، ولا يتغذى على ضعفك.

كيف تستخدم الذكاء الاجتماعي؟
سأشاركك اليوم 5 خطوات أساسية، إن طبقتها من اليوم، ستصبح شخصا ذكيا اجتماعيا، وتحمي نفسك من الاستنزاف العاطفي!
1ـ كن واضحًا، حازمًا، وصامتًا عند اللزوم
عندما ترفض أن تُعامل كضحية، لا تحتاج إلى صراخ أو مواجهة مباشرة. الحزم لا يعني العدوانية. بل يعني أن تعرف متى تتكلم، ومتى تصمت، ومتى تنسحب.
إذا أساء لك أحد أو حاول التقليل منك، فلا تجب فورًا. لا تفسر موقفك لحظة الانفعال. لا تعطِ خصمك رد الفعل الذي يتوقعه.
راقب، اصمت، وخذ وقتك لتفهم نواياه قبل أن تتحرك. هذا هو الذكاء الاجتماعي: أن تبقى متقدمًا بخطوة دون أن تكشف ذلك.
المشكلة ليست في أن ترد، بل في التوقيت. من يردّ لحظة الغضب يرضي غروره، لكنه يخسر سلطته. أما من يعرف متى ينسحب، متى يتكلم، ومتى يضرب، فهو من يصنع هيبته.
2ـ لا تقبل المديح الذي يُستخدم كسلاح
أخطر من الانتقاد هو المديح المشروط. حين يقول لك شخص ما: “أنت دائمًا طيب… مستحيل أن ترفض لي طلبا”، أو “أنت معروف أنك كريم ومتفهم”، فهو لا يمدحك، بل يجهّزك للاستغلال.
الذكاء الاجتماعي يعلمك أن تقرأ ما بين السطور. أن ترى كيف يستخدمك الآخر، حتى حين يبتسم. لا تفرح بالوصف، دقّق في النية خلفه. من يمنحك صفة إيجابية بشكل مفرط، يريد غالبًا أن يحبسك فيها، وأن يستخدمك من خلالها.

3ـ توقف عن التفسير المستمر… لا أحد ينتظر فهمك
واحدة من علامات ضعف الذكاء الاجتماعي هي الإلحاح في شرح الذات. كلما فسرت، كلما بدا أنك في موقف دفاع. وكلما كنت في موقف دفاع، كلما شعر الطرف الآخر بأنه أقوى، وبأن له حق تقييمك.
لا تشرح نفسك لمن لا يريد أن يفهمك. الناس لا يهتمون بمن هو “طيب”، “نقي”، “نيته صافية”. هم يهتمون بمن يعرف حدوده، ويعرف متى يصمت، ومتى ينسحب، ومتى يضرب إذا اضطر.
4ـ لا تكن مفهوماً دائماً… بل كن مهيبًا
ليس مطلوبًا منك أن تكون محبوبًا من الجميع. من يريد منك أن تكون دائم الفهم، دائم الاستيعاب، دائم التضحية… سيصفك بأنك تغيرت عندما تضع حداً. وسيقول لك: “كنت ألطف من قبل”، فقط لأنه لم يعد يستفيد منك.
هذا لا يعني أنك أصبحت شخصًا سيئًا. بل أنك خرجت من المربع الذي رسموه لك. الذكاء الاجتماعي لا يعني أن تُرضي الجميع، بل أن تفرض نفسك ضمن حدودك.

5ـ لا تلعب دور المفيد للجميع وأنت مستنزف من الداخل
إذا وجدت نفسك دائمًا في موقع التفسير، وإذا شعرت بأنك تُستخدم عاطفيًا أو عمليًا تحت غطاء المجاملة… فهذا ليس لأنك “جيد”، بل لأنك لم تكن حازمًا كفاية.
في كورسات الذكاء العاطفي والاجتماعي التي أعددتها، أشرح بالتفصيل كيف تحرر نفسك من هذه الأدوار، وكيف تتقن فن الانسحاب والتدخل في الوقت المناسب. هذه ليست مهارات ثانوية، بل ضرورية لأي شخص يريد أن يصعد في حياته دون أن يُستهلك.
استفد من التخفيض على كورسات الأكاديمية الآن!
سؤالي لك الآن:
هل سبق ووجدت نفسك في علاقة أو موقف تم فيه استغلالك لأنك “شخص جيد”؟ وما التصرف الذي تمنيت أنك اتخذته؟
اكتب لي تجربتك في التعليقات.
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا