التجاهل لا يعني أنك لن ترد على الطرف الآخر، أو هو دلالة على الانسحاب العاطفي، بل هو موقف حازم وإرادة تبني صورتك من الداخل، لا من خلال إرضاء الآخرين.
التعامل بالعاطفة عند التعرض للتجاهل، كأن تبحث عن تفسير أو تطلب اهتمامًا، يقلل من قيمتك الفريدة ويُثبت أن قوتك، في الأساس، مُرتكزة على نظرة الآخرين إليك وليس على تقديرك الذاتي.
الأشخاص الأقوياء لا يثبتون أنفسهم بالكلمات، بل بقدرتهم على الصمت عندما يتوقع الجميع منهم الانفعال، وعلى الحضور بهدوء حين ينتظر الآخرون منهم تبرير الغياب، وهذا ما سنتطرق إليه في هذه المقالة.
3 تصرفات جوهرية لإتقان فن التجاهل الاستراتيجي
سأشاركك اليوم كيف تعيد ترتيب المعادلة لصالحك، وتجعل من التجاهل أداة تقودك نحو تعزيز احترامك لذاتك أكثر من أي رد فعل آخر.
- الصمت الواعي لا الصمت التبريري
الصمت ليس فقط التوقف عن الكلام، بل هو موقف حاسم.
الصمت الواعي يعني أن تختار اللحظة المناسبة لتتحدث أو لا تتحدث، بدوافع مدروسة وليس خوفًا من الموقف. وقد تحدثتُ كثيرًا عن فن الصمت، وكيف تستخدمه لاسترجاع هيبتك الشخصية.
الصمت المدروس يشبه خط الدفاع الأول حين لا تعرف كيف تتصرف، وأيضًا حين ترغب في منح نفسك وقتًا للتفكير، واتخاذ قرار صارم.
والأهم من ذلك: الصمت لا يعني الضعف. بل العكس، أنت تمتلك ما يكفي من الثقة بالنفس لتؤجل التفاعل حتى يهدأ اندفاعك، وتُعيد ضبط مشاعرك. في هذا السياق، الصمت ليس انسحابًا، بل هو تحكّم.
لكي تطبّق هذا عمليًا، تدرّب على أن لا ترد على الرسائل فورًا، وامتنع عن شرح مواقفك حين لا يُطلب منك ذلك. استمع أكثر، وتكلم أقل، وراقب كيف يبدأ الآخرون في تغيير نبرة تواصلهم معك.
- عدم الاهتمام ليس برودًا
من الطبيعي أن تشعر بالخطر حين يتجاهلك شخص ما، لكن الأفضل هو أن تُظهر عدم اكتراثك له. لا أن تُرهق نفسك بإرسال الرسائل، أو تحاول تفسير ما حدث!
إن كان الشخص الذي يتجاهلك قريبًا منك، فهذا الأمر مؤلم، وليس سهلًا، لكنك بحاجة لتقوية مناعتك ضد هذه التصرفات، كأن تتعلم كيف تتحكم في عواطفك، ولا تبدي ردة فعل عاطفية سريعة.
الانضباط العاطفي هنا يعني أن تكون لديك حياة مستقلة. أن لا تجعل كل ما يحدث حولك يؤثر على هدوئك.

حين يتجاهلك أحدهم، ويلاحظ أنك لم تُكسر، ولم تطلب توضيحًا، يبدأ هو بمراجعة موقفه. أنت لا تظهر البرود، بل تُظهر أنك لست سهل السيطرة.
اسأل نفسك: هل من المناسب أن ترد الآن؟ هل الرد سيخدم موقفك؟ إن لم تكن الإجابة “نعم” بوضوح، لا تُرهق نفسك.
- العودة بهدوء
بعد أن تكون قررت الصمت لمدة معينة، لا تعُد بطريقة مفاجئة أو بترديد كلمات الاعتذار وتبرير اختفائك. بل عد بهدوء، وموقف متزن، وقرار واضح ومختلف.
هذا هو التصرّف الاستراتيجي الذي يجعل منك قائدًا لموقفك، لا تابعًا له، ويعطي معنى بأنك تغيّرت.
عودتك يجب أن تعكس شخصًا راجع أولوياته، لا شخصًا تراجع عن موقفه. وبدلاً من تبرير الغياب، اجعل حضورك هو التفسير.
قدّم رسائل واضحة بسلوكك الجديد، لا بالكلام. وحين تعود، لا تعود من موقع الضعف، بل من موقع الوضوح.
تمرين تطبيقي لـ فن التجاهل الاستراتيجي
التحدي لهذا الأسبوع: استعن بالصمت الواعي، ولا ترد على ما يثير رغبتك في شرح الموقف.
إذا وصلتك رسالة أو دعوة من جهة تعرف أنها تتجنبك أحيانًا، لا تفتحها فورًا. خذ وقتك، ثم عد إليها فقط عندما تشعر بأنك مستعد، لترد بإيجاز، أو تعبّر عن قرارك دون توضيح زائد.
الانضباط العاطفي هو الأداة التي تبني بها صورة راقية لا تركع بسهولة أمام الضجيج!
وتذكّر، هذا التمرين لا يُقاس بعدد الكلمات التي لم تُرسل، بل بالمساحة التي حفظتها لنفسك.
هل ترغب في أن تعمّق هذه المهارات؟
احضر معنا لدورة “الحدود الصحية” في الدار البيضاء، شهر شتنبر.
هذه الدورة ستأخذك خطوة بخطوة لتتعلم كيف تحمي مساحتك الخاصة، وتُظهر احترامك لنفسك دون الحاجة للكلام الكثير.

انضم الآن إلى المشتركين الأوائل، واحجز مقعدك.
أخبرني الآن:
أي من هذه التصرفات الثلاث تشعر أنك تحتاج إلى تطبيقه؟
وهل أنت جاهز لتجربته في مواقفك الواقعية هذا الأسبوع؟
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا