كيف تتعامل مع الأشخاص الصعاب وتضع حدودًا تحمي نفسك

الأشخاص الصعاب

لا يمرّ أحد في هذه الحياة إلا واحتكّ بما نسمّيهم الأشخاص الصعاب!

قد يكونون أصدقاء، أو أفرادًا من العائلة، أو شركاء في العمل، أو حتى غرباء تلتقي بهم عرضًا. لكن المشترك بينهم أنهم يتركون أثرًا نفسيًا سلبيًا أينما حلّوا، ويجعلونك في حيرة:

  • هل أواجههم وأدخل في صراع مرهق؟
  • أم أسكت وأتحمّل حتى لا أخسر العلاقة أو أدخل في نزاع لا ينتهي؟

هذه المعادلة الصعبة هي التي تجعل كثيرين يعيشون لسنوات طويلة في استنزاف متواصل، فقط لأنهم لم يتعلّموا كيف يديرون نقاشًا صعبًا أو يضعون حدودًا واضحة.

من هم الأشخاص الصعاب؟

الأشخاص الصعاب ليسوا دائمًا أشرارًا، لكن تصرفاتهم تضعك في مأزق.

قد يكون شخصًا يأتيك كل شهر ليطلب المال، رغم أنه قضى عشر سنوات من حياته بلا إنجاز حقيقي. وقد يكون فردًا من العائلة يقطن معك دون أن يساهم في مصاريف المنزل، فيتحوّل وجوده إلى عبء يومي.

الأشخاص الصعاب

أو ربما صديقًا يلعب دور الضحية ليبتزك عاطفيًا، يثير شفقتك في البداية، لكنه مع الوقت يتحول إلى مصدر استنزاف لا ينتهي.

الأخطر من ذلك، أن بعض هؤلاء الأشخاص قد يعرفون عنك أسرارًا خاصة فيستخدمونها سلاحًا للسيطرة والضغط، فيجعلك الخوف من الفضيحة أو من خسارة العلاقة عاجزًا عن المواجهة.

الخطأ الذي يضخم المشكلة

أغلب من يتعاملون مع الأشخاص الصعاب يقعون في خطأ جوهري: الدخول في دائرة الشد والرد.

تبدأ المواجهة بالانفعال، فيرتفع صوتك ويرتفع صوته، ثم يتحول الحوار إلى ساحة صراع بين الأنا والإيغو.

والنتيجة؟

لا حلّ ولا احترام، بل مزيد من التعقيد.

هنا نفهم أن القوة الحقيقية ليست في الصراخ ولا في إثبات أنك أقوى، بل في أن تعرف متى تتكلم وكيف، ومتى تضع حدودك دون أن تبرر أو تعتذر.

الاستعداد النفسي قبل أي مواجهة

أول خطوة في التعامل مع الأشخاص الصعاب هي أن تهيّئ نفسك نفسيًا.

اسأل نفسك:

  • ما الهدف من هذه المواجهة؟
  • هل هدفي أن أصرخ وأثبت أنني الأقوى، أم أن أضع حدًا لمشكلة تستنزفني؟

الاستعداد النفسي يعني أن تتقبل مسبقًا أن الطرف الآخر قد ينزعج أو يغضب، وأنك لست مسؤولًا عن مشاعره، بل مسؤول فقط عن وضوحك.

الأشخاص الصعاب

كثير من الناس ينهارون أمام أول ردة فعل عنيفة لأنهم لم يتقبلوا هذا السيناريو في أذهانهم مسبقًا، بينما المطلوب أن تعترف: نعم، من المحتمل أن يغضب، ومن المحتمل أن يهاجم، لكن هذا لا يقلل من حقي في أن أتكلم بوضوح.

الاستعداد البيئي مهم بقدر الاستعداد النفسي

المواجهة لا يجب أن تحدث في أي مكان أو زمان. من الخطأ أن تبدأ نقاشًا صعبًا وأنت مرهق أو غاضب، أو أن تختار لحظة متوترة.

الأفضل أن تبحث عن مكان محايد، وربما مكان عام إذا كان الطرف الآخر عدوانيًا، حتى تقل فرص التصعيد، وأيضا، اختيارك للمكان والزمان ليس تفصيلًا بسيطًا بل استراتيجية أساسية.

كيف تبدأ النقاش مع الشخص الصعب؟

حين تبدأ النقاش، تجنّب العبارات التي تتهم وتجرّح، مثل: “أنت دائمًا تفعل كذا” أو “أنت إنسان مستغل”.

هذه الكلمات تجعل الشخص الآخر في وضعية دفاعية، فيغلق أذنيه عن أي شيء تقوله بعد ذلك.

بدلاً من ذلك، تحدث عن نفسك: “أشعر أني مُستنزف حين يتكرر هذا السلوك”، أو “لم يعد بإمكاني أن أتحمل هذا الوضع”. بهذه الطريقة، توصل رسالتك دون أن تعطيه فرصة لجرّك إلى نزاع شخصي.

الاستماع الفعّال… سلاح هادئ لكنه قوي

من أهم الأدوات التي تضع حدًا للأشخاص الصعاب دون صراع هي الاستماع الفعّال.

قد يبدو غريبًا أن تستمع لشخص يرهقك، لكن الهدف ليس أن تصدّق حججه أو تقبل أعذاره، بل أن تجعله يشعر أنك فهمت ما قاله.

جملة بسيطة مثل: “أتفهم وجهة نظرك، لكن لدي رأيًا آخر” قد تُطفئ غضبه أكثر مما تفعل عشر صرخات.

الإنسان الغاضب يحتاج أن يُشعر أن صوته مسموع، فإذا أعطيته هذا الإحساس، ينخفض انفعاله وتصبح لديك فرصة أكبر لطرح موقفك بوضوح.

الصرامة دون تبرير

بعد أن تعطيه فرصة للتعبير، يأتي دورك في وضع الحدود.

هنا يجب أن تكون صارمًا دون أن تقدم مبررات طويلة. التبريرات تعطي انطباعًا بأنك خائف أو متردد.

يكفي أن تقول: “لن أستطيع أن أقرضك المال مرة أخرى”، أو “لا يمكن أن تسكن معي دون أن تساهم في المصاريف”، أو “أحتاج لمساحتي الخاصة”.

هذه الجمل الواضحة تُظهر أنك لست خائفًا، وأنك مستعد لاتخاذ القرار حتى لو لم يعجبه.

التعامل مع الأشخاص الصعاب ليس مهمة سهلة، لكنه ليس مستحيلًا. السر يكمن في الاستعداد النفسي لتقبل أسوأ الاحتمالات، واختيار البيئة المناسبة للحوار، والحديث عن نفسك بدلًا من مهاجمة الآخر، ثم فرض الحدود بصرامة ودون تبرير.

بهذه الأدوات، لن تصبح رهينة مزاج أي شخص صعب، بل ستكون قادرًا على حماية نفسك وطاقتك.

وإذا أردت أن تتعمق أكثر في تقنيات التعامل مع الأشخاص الصعاب والذكاء العاطفي، يمكنك الانضمام إلى دورتي، حيث ستتعلّم استراتيجيات عملية لإدارة المواقف وحماية نفسك من الاستنزاف النفسي.

flyer013

سؤالي لك في النهاية: من هو أصعب شخص واجهته في حياتك، وما الذي منعك من مواجهته بوضوح حتى الآن؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *