في بيئة تضغط عليك كل يوم، وتسحبك للأسفل بأسلوب ناعم أو خفي، من الطبيعي أن تبدأ تتساءل: لماذا لا يحترمني من حولي؟ ولماذا أشعر أنني أعيش تحت سلطتهم؟ الجواب ببساطة: لأنك سمحت لهم بذلك! لأنك تبدو الشخص الدمدومة وسط المجموعة!
أنا كنت يومًا ما في هذا الوضع، وكنت أعتقد أن الاحترام يُطلب أو يُستجدى، حتى فهمت الحقيقة: الاحترام يُفرض، ولا يُمنح لمن لا يفرضه أولًا على نفسه.
من هو الدمدومة؟ وكيف يُسلب منك الاحترام؟
“الدمدومة” هو الشخص الذي يخاف من ممارسة حقوقه. من حقه أن يعيش، أن يسافر، أن يرتبط، أن يشتغل، أن يتطور، ولكن لا يفعل ذلك… خوفًا من الآخرين.
خوفًا من أن يُقال عنه شيء، أو أن يُنتقد، أو أن تُستفز مشاعره.
هو الشخص الذي يترك الآخرين يتحكمون فيه فقط كي لا يُغضبهم. وهنا تبدأ قصة فقدان الاحترام.

البيئة السامة لا تحترم الطيبين… بل من يرسم حدوده بوضوح
الناس الذين يسخرون من أفكارك، ويستصغرون طموحاتك، لا يفعلون ذلك من باب المزاح… بل لأنهم لا يريدونك أن تتطور. يريدونك أن تبقى تحت سقفهم، بجانبهم، لا تتجاوزهم.
خذ مثالًا: أنت بدأت تجارة صغيرة، فتجد من يقول لك “أزمة، ولم ينجح فيها أحد قبلك، وتريد أن تنجح أنت؟”. هذا النوع لا يهمه نجاحك، يهمه فقط ألا تهرب من دائرته.
كيفية فرض الاحترام وسط بيئة سامة تبدأ من وعيك بهؤلاء. لا تتجادل معهم، لا تبرر، لا تتوسل قبولهم. دعهم في مكانهم، وابدأ بناء احترامك من جديد.
نعم، كنت دمدومة… لكن ليس بعد الآن
كلنا في مرحلة ما كنا كذلك.
- بعضنا في الطفولة: كنا نبكي بسرعة، يضربنا الآخرون ولا نرد.
- بعضنا في المراهقة: أردنا أن نفرض ذاتنا، لكننا خفنا من الكبار.
- والبعض، وهو الأخطر، لم يصبح دمدومة إلا بعد أن كبر… بعد الزواج، أو العمل، أو العلاقة السامة.
حين تبدأ في التراجع، وتفقد حضورك، وتقول لنفسك: “أنا كنت بخير، لكن الآن…”، فاعلم أنك تحتاج وقفة.

3 خطوات للتخلص من دور الدمدومة وفرض الاحترام
1. احترم نفسك أولًا
قبل أن تشتكي من الآخرين، اسأل: “هل أضع لنفسي معايير؟”.
هل أميز بين من يستحق وقتي واهتمامي، ومن لا؟ أم أنني أعطي القيمة لمن لا يستحقها؟
في زمن يُعظَّم فيه التفاهة، يصبح من الصعب أن تميّز بين من يستحق الاحترام، ومن مجرد نجم فارغ.
كيفية فرض الاحترام وسط بيئة سامة تبدأ من هنا: ضع معاييرك.
- هل هذا الشخص عاش تجارب حقيقية؟
- هل لديه فلسفة في الحياة تشبهك؟
- هل تتعلم منه شيئًا؟
إن لم تنطبق عليه هذه الشروط، أوقف الاهتمام فورًا.
2. تواصل ببساطة… لا تُظهر الاهتمام المبالغ
- توقف عن التبرير، والتفسير، والإفراط في اللطف.
- لا تضحك كي تُقبل، ولا تشرح كل حركة تقوم بها.
الذي يحترمك، سيتفهمك من دون شرح.
أنت لست بحاجة أن ترد على كل سؤال، ولا أن تبرر كل قرار، ولا أن ترضي الجميع.
3. استعد للحرب النفسية: مارس “قوة الاختفاء”
حين تبدأ تفرض احترامك، ستُحارب نفسيًا:
- سيُشاع عنك كلام غير صحيح
- ستُلام لأنك تغيّرت
- سيقال إنك مغرور
هذا طبيعي. بل إشارة أنك تمشي في الطريق الصحيح.
مارس “قوة الاختفاء“؛ لا تختفِ للهرب، بل اختفِ لتبني حياة خارج محيطهم.
غيِّر بيئتك، انشغل بأنشطة مختلفة، وسَيلاحظون أنك لم تعد في متناولهم. وهنا يبدأ الاحترام الحقيقي.

احذر الشعبوية… وفكك الحساسية
في 2025، كل شيء يتحول إلى دراما.
- تتحدث عن فكرة؟ يُقال إنك تتفاخر.
- تنتقد سلوكًا؟ يُقال إنك تستهزئ بنعمة الله.
- تصور أكلة تكرهها؟ يُقال إنك تهين الفقراء!
لا، هذا ليس احترامًا. هذه شعبوية عاطفية، يجب أن تحرر نفسك منها.
كيفية فرض الاحترام وسط بيئة سامة يتطلب أن تكون صلبًا، واضحًا، وألا تتأثر بالابتزاز العاطفي.
دورة “حدود صحية”: بداية حقيقية لاستعادة احترامك
إن وجدت صعوبة في فرض رأيك، أو التعبير عن نفسك، أو التعامل مع من يستفزك…
فأنا أدعوك إلى دورة “حدود صحية” يوم السبت 20 شتنبر بالدار البيضاء.

سنقضي يومًا كاملًا نشتغل فيه على:
- رسم الحدود
- التواصل الحازم
- إدارة المشاعر
- تمارين تطبيقية ومواكبة بعد الدورة
لن أتركك وحدك، سأرافقك بعدها أسبوعًا كاملًا، ثم نجتمع في جلسة متابعة عبر الزوم.
خلاصة: هل أنت جاهز لتبديل البطاقة؟
لا أحد وُلد ليبقى دمدومة. لا أحد فُرض عليه أن يُذل نفسه للناس.
من اليوم، اختر: إما أن تكمّل كما أنت… أو تبدأ تطبيق هذه الخطوات وتبدّل صورتك بالكامل.
سؤالي لك: هل ترى أن ماضيك كان أقوى من حاضرك؟ وما الذي جعلك تتراجع؟
اكتب لي تعليقك، وسأقرأه بنفسي.
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا