قد تتعرض للتجاهل المتعمد، سواء من شخص مقرّب أو جماعة تعرفهم جيدًا. وربما تجد نفسك تلقائيًا تبحث عن تفسير:
- هل أنا لم أعد مهمًا؟
- هل أسأت بشيء؟
- هل تم استبعادي؟
لكن… هذا النوع من التفكير قد يكون فخًا محكمًا، يُدخلك لعبة السيطرة التي يتقنها المتلاعبين.
لنبدأ بهذه القاعدة المهمة:
كثيرون لا يتجاهلونك لأنهم لم يعودوا يهتمون بك، بل لأنهم يريدون أن يختبروا مدى قوتك، وقدرتك على البقاء متماسكًا حين لا تُمنح الاهتمام. من هنا تبدأ أولى خطوات فن التعامل مع التجاهل.
التجاهل ليس دائمًا عن قلة اهتمام
الخطأ الشائع في تفسير التجاهل هو افتراض أن الطرف الآخر لم يعد يكترث، أو أنه فقد احترامه لك، لكن الواقع أكثر تعقيدًا، لأن التجاهل في العالم العربي، هو استراتيجية مدروسة تهدف إلى دراسة قدرتك على التحكم في مشاعرك وعواطفك!
لذلك، حين تفترض أن التجاهل دليل على قلة الحب أو ضعف العلاقة، فأنت تمنح الطرف الآخر سلطة كاملة على توازنك النفسي، وتبدأ دون وعي في إعادة تعريف قيمتك بناءً على تصرفات لا تملك السيطرة عليها.

فن التعامل مع التجاهل: استراتيجيات القوة لا ردود الفعل العاطفية
هناك نوعان من ردود الفعل يجب أن تتذكرهما لتجنب مصيدة التجاهل، وهما:
1. ردة الفعل العاطفية:
وهي الأكثر شيوعًا، وتحدث حين يشعر الإنسان بعدم الأمان.
يبدأ بإرسال الرسائل، والاتصال، والبحث عن توضيح، ثم يدخل في دوامة تبرير نفسه، وتفسير ما لم يُطلب منه تفسيره. هذه الردود تكشف بوضوح عن ضعف داخلي، وتُظهر للطرف الآخر أنك متعلّق به أكثر مما ينبغي.
هذا التعلّق ليس فقط مؤلمًا، بل يُضعف موقفك، ويمنح الآخر راحةً نفسيةً ناتجة عن الإحساس بالتحكّم فيك.
2. ردة الفعل الاستراتيجية:
في هذا النوع، لا تُبدي استجابة مباشرة. تلتزم الصمت، وتتخذ مسافة، وتختار ألا تدخل لعبة التفسير والركض وراء الاهتمام.
هنا، أنت لا تتجاهل لأجل التجاهل، بل ترفض الدخول في نمط العلاقة غير المتكافئة. وقد تحدثنا من قبل عن قانون التبادل في العلاقات، أي العطاء والأخذ من كلا الطرفين!

هذه الاستراتيجية لا تجعل منك شخصًا غامضًا فقط، بل تعطيك حضورًا مختلفًا: حضور لا يُدار من الخارج، بل يُبنى من الداخل.
التجاهل الاستراتيجي: أقوى سلاح في بيئة مليئة بالمتطفلين
نحن لا نعيش في بيئة مثالية. بل في مجتمعات مليئة بالأشخاص غير المستقرين نفسيًا، والذين يختبرون الآخرين لا بقصد التواصل بل بقصد السيطرة.
في هذه البيئات، يصبح فن التعامل مع التجاهل مهارة لا غنى عنها، ليس فقط لحماية ذاتك، بل أيضًا لبناء صورة لا يستطيع الآخرون العبث بها بسهولة.
لا تحاول أن “تفهم” ما لا يُفهم
أحد أكثر مصادر الإرباك في العلاقات هو الإصرار على تفسير سلوكيات عبثية وغير متزنة. حين يحاول شخص أن يفهم سبب التجاهل، فإنه يفترض أن السلوك عقلاني ويمكن تحليله بمنطق مباشر.
لكن الحقيقة أن كثيرًا من التصرفات في العلاقات مصدرها اضطراب داخلي، وليس منطقًا واضحًا.
البحث عن تفسيرات حين يكون الطرف الآخر غير ناضج نفسيًا، لن يقودك سوى لمزيد من الإحباط.
الردّ الذكي؟ هو أن لا تردّ الآن
في كثير من الأحيان، يكون الردّ الأفضل هو التأجيل. تجاهل الرسالة، لا تفتح الهاتف فور وصول الإشعار، لا تسأل أحدًا لماذا لم يقم بدعوتك إلى مناسبة معينة.
خذ مسافة، راقب مشاعرك، ثم قرر لاحقًا كيف تريد أن تتصرف. الردّ البارد، المدروس، الذي لا يسعى لتبرير شيء، هو أكثر وقعًا من كل محاولات الشرح والدفاع.
هل لديك حياة خارج دائرة الاهتمام؟
الناس الذين لا يمتلكون أسلوب عيش واضح، حياتهم فارغة من المعنى، يربطون قيمتهم بمدى اهتمام الآخرين بهم.
هؤلاء يسقطون بسهولة في فخ التجاهل، لأنهم ببساطة لا يحتملون فكرة أن لا يكونوا “موجودين” في نظر من حولهم.

إن أردت أن تتجاوز هذه المرحلة، عليك أن تصنع حياة تُشغلك، حياة تمتلك فيها مشروعك، قيمك، أهدافك، بحيث لا يصبح التجاهل مسألة تجرحك!
تمرين بسيط:
في المرة القادمة التي تتلقى فيها رسالة من شخص سبق أن تجاهلك، لا ترد فورًا. لا تفتح الرسالة بدافع القلق. بدلًا من ذلك، خذ نفسًا عميقًا، وذكّر نفسك أنك لست في موضع اختبار. قل لنفسك: “أنا لا أحتاج أن أُثبت شيئًا لأحد. أنا أقرر متى أرد، وكيف أرد، ولماذا أرد.”
حين تتقن فن التعامل مع التجاهل، لن تعود بحاجة إلى إثبات شيء لأحد، لأنك تدرك أن احترامك لذاتك لا يتوقف على رسائل تُقرأ أو دعوات تُرسل أو ردود تُنتظر.
هل تريد أن تتقن هذه المهارات أكثر؟
انضم إلى دورتي الجديدة:
“الحدود الصحية – اجعل حدودك تُحترم واسترجع سلامك الداخلي”
الدورة ستُقام حضوريًا في مدينة الدار البيضاء، خلال شهر شتنبر 2025.

اضغط هنا لحجز مقعدك
سؤال لك:
ما أكثر موقف شعرت فيه بالتجاهل… ورددت عليه بطريقة ندمت عليها لاحقًا؟
اكتبه وشاركه معي في التعليقات أسفله، فأنا أطلع عليها.
أتابعك منذ 3 سنوات تغيرت نظرتي للحياة بشكل ملحوظ رغم بعض الصعوبات خصوصا مع المحيط العاءلي والاسري الذي مازال متشبت بالنمطية القديمة ( حشومة) لكن بدأ الاحترام والتقدير ويتم نعتي بالقاصح والمتمرد والمعقد لكن جل قراراتي لا يتم مناقشتي فيها وبدأو في إعطاءي مساحة كافية وتغيرت المعاملة ومكانتي تغيرت بنسبة 80٪ علما إني داءم المطالعة والرياضة ووقتي منظم الى حد كبير ( ماستر علوم سياسية) والكل بدأ يتقرب مني ويطلب إستشارتي ولا أقدمها الا ناذرا شكرا عزيز أفكار للمهنة الجديدة التي أحدثتها (تغيير النمطية القديمة ) ممتن لك