في المجتمع اليوم يوجد أشخاص يعملون على وضعك في استراتيجيات وخطط واختبارات حتى تبقى تحت سيطرتهم. هدفهم صناعة الارتباط المرضي بك، وليس هذا محصورًا في العلاقات العاطفية؛ بل يمتدّ إلى العلاقات المهنية والأسرية والاجتماعية.
المفتاح الذي يفسّر هشاشتك أمام هذا النمط هو الحرمان والنقص العاطفي وجرح الإهمال المتكوّن من صدمات وكدمات قديمة حين كنت صغيرًا: قلة اهتمام، قلة تقدير، وربما إهانة.
حين يكبر صاحب هذا الجرح، لا يستطيع العيش وحده بسلام؛ يتوتر وحده، فيتشبّث بالآخرين حتى لو حطّموه، بدل أن يعترف بنقصه ويعمل عليه.
من النقص العاطفي إلى الإدمان على الاهتمام
الإدمان هنا لا تبدأه أنت عمدًا؛ غالبًا تسقط في فخ مع شخص يبين لك أنه يفهمك ويمنحك بالضبط ما ينقصك.
ترتفع قيمتك الذاتية لحظيًا، ثم تتعلّق بالجرعة: تصير مدمنًا على الاهتمام. بدون هذه الجرعة تشعر أنّ شيئًا ناقص وأن حياتك لا تمشي. ومع مرور الوقت تقبل تصرفات خبيثة بدل أن تواجه جرح الإهمال وتشتغل عليه.

شهر العسل قبل الانقلاب
الطريق إلى المصيدة يمرّ دائمًا بمرحلة شهر العسل: مبادرات لطيفة، هدايا مفاجئة، قرارات في صالحك، ومظهر فهم عميق لمشاعرك واحتياجاتك.
هذه البداية ليست حبًا خالصًا، بل مدخلًا لصناعة الإدمان. بعدها تبدأ مرحلة الضغوط والاختبارات والتقليل، وتجد نفسك تُبرّر وتتنازل لأنك دخلت في الارتباط العاطفي.
سلاحان لا يدخل النرجسي بدونهما: الثقة والإعجاب
لا يمكن لمتلاعب أو منحرف نرجسي أن يدخل حياتك بلا سلاحين فتاكين:
الثقة والإعجاب.
يعرض عليك تصرفات تُسهِّل الإعجاب، والإعجاب يفتح باب الثقة. ومع أننا في مجتمع مليء بنقص التقدير الذاتي والإدمان على اللايكات والمشاهدات، يصبح الناس أكثر قابلية لتسليم الثقة بلا استحقاق.

لاحظ الإشارة المهمّة: أي شخص يضغط عليك لتثق به سريعًا خصوصًا في التجارة أو العلاقات، فهو نصّاب!
جرح الإهمال لا يختفي لكن يمكن احتواؤه
صاحب جرح الإهمال قد ينجذب إلى من يملأ فراغًا قديمًا (أمومة/أبوة)، وقد ترى علاقات بفارق عمر كبير تُشبِع احتياجًا متروكًا من الطفولة.
الرسالة ليست لومًا، بل اعتراف بالمسؤولية: لا أحد يؤذي نفسه عن رغبة واعية، لكن الاستمرار دون عمل على الجرح يسلّمك للمتلاعبين. بالمقابل هناك من يملك جروحًا مثلك لكنه يحتويها: يفرض نفسه اجتماعيًا، يبني جدارًا صحيًا، ويضع حدًا للميكروبات.
أين يظهر التلاعب؟
- في العمل: مدير نرجسي يورّط موظفيه بعقود والتزامات، بل ويستمتع بالضغوط!
- في العائلة: قَرابة تُمارس معروفًا مُزمِنًا لتبتزّك به.
- في الدوائر الاجتماعية: مديح زائد وهدايا بلا مناسبة ثم مطالبة ضمنية برد الجميل.
القاعدة التي تُبطل اللعبة: مبدأ الجدارة
مارس قليلًا من النقد الذاتي، بمعنى الاعتراف بمواضع ضعفك ومخاوفك. لا ترى نفسك ملاكًا، ولا تنسق وراء صورة اجتماعية مزيفة.

- آمن بمبدأ الجدارة. لا تقبل ثقة ولا إعجابًا ولا هدية بلا استحقاق واضح.
- إن عُرضت عليك هدية بلا مناسبة، اسأل: هل أستحقها؟ ما مبررها؟
- إن أُلزِمت بالثقة، قل بهدوء: الثقة التزام طويل وتُكتسب بالوقت.
- امتنع عن المديح الزائف: لا تجعل قيمتك تُبنى على كلمات تُسكِّن نقصًا داخليًا.
ما هي أولى خطوات التخلص من الارتباط العاطفي؟
- سمِّ ما تعيشه باسمه: ارتباط مرضي بالنرجسي ناتج عن جرح إهمال قديم.
- أعد ترتيب سلوكك: أوقف التواصل المستمر، قلّل الردود العاطفية، ولا تتخذ قرارات كبيرة متسرعة.
- عُد إلى الداخل: ارفع تقديرك بذاتك عبر عمل مُتقن، لا عبر إعجاب خارجي.
- اجعل الثقة مشروطة بالزمن والاتساق لا وعودًا لفظية.
- طور من مهاراتك في التحكم في مشاعرك، وافهم كيف تتواصل بحزم.
وإن أردت تطوير ذكائك العاطفي والاجتماعي وإدارة النزاعات بعمق عملي، فهناك باقة الذكاء العاطفي 360 درجة: ثلاثة كورسات (الذكاء العاطفي، الذكاء الاجتماعي، والذكاء العاطفي في تدبير النزاعات وحلّ المشاكل) بمجموع قرابة 19 ساعة تدريب وتمارين تطبيقية مدى الحياة.
استغل فرصة العرض على هذه الباقة، وابدأ من اليوم التخلص من إدمانك وتعلقك العاطفي!
سؤال للنقاش: أين سمحت لنفسك بثقة أو إعجاب بلا استحقاق، وكيف ستُفعّل مبدأ الجدارة هذا الأسبوع؟


أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا