الاستنزاف العاطفي: كيف تحمي نفسك من العلاقات السامة والضغوط المستمرة؟

الاستنزاف العاطفي

في العصر الحالي، يعاني الناس من الاستنزاف العاطفي، وهو حالة من الإنهاك النفسي نتيجة الضغوط المستمرة والعبء العاطفي المتزايد.

قد يتسلل هذا الاستنزاف إلى حياتك اليومية دون أن تنتبه، مما يؤثر سلبًا على أدائك في العمل، وعلاقاتك الشخصية، والأهم، صحتك النفسية والجسدية.

في هذا المقال، سنستعرض مفهوم الاستنزاف العاطفي، أسبابه، أعراضه، وكيفية مواجهته بفعالية.

لكن، قبل الدخول في كل هذه التفاصيل، ستتساءل لماذا أنت من دون الناس، تعاني من هذا الاستنزاف؟

دعني أخبرك، بأنك أنت السبب! نعم!

لا يمكن أن يدخل شخص سيء، وغير محترم، وميكروب، إلى حياتك ما لم تعطيه أنت الإذن، والتصريح بذلك! لهذا، أول ما عليك فعله، هو العودة بذاكرتك للوراء، واسأل نفسك، من هم هؤلاء الأشخاص الذين يستنزفونني (أيا كان هذا الاستنزاف)؟ وكيف دخلوا لحياتي؟!

ما هو الاستنزاف العاطفي؟

الاستنزاف العاطفي هو شعور بالإرهاق النفسي العميق الذي ينتج عن ضغوط عاطفية ونفسية متكررة.

يمكن وصفه بأنه نوع من التعب العاطفي المستمر، حيث تجد نفسك غير قادر على مواصلة التفاعل مع محيطك بنفس الحماس أو الطاقة السابقة.

الاستنزاف العاطفي

ببساطة، لن تحب التواجد مع الناس! ولكي أكون دقيقا أكثر، قد يكون طابعك الشخصي انطوائيا، ولا تفضل التواجد مع الناس، وهذا شيء طبيعي، إلا أن الأشخاص من حولك لا يسمحون لك بهذه العزلة! يُجبرونك على التواجد معهم! وهذا نوع من الاستنزاف!

أسباب الاستنزاف العاطفي

هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى الاستنزاف العاطفي، سأذكر لك 3 منها، والأخيرة هي الأهم:

1ـ العلاقات السامة

التعامل المستمر مع أشخاص يستهلكون طاقتك العاطفية دون تقديم دعم مقابل، مثل الأصدقاء أو أفراد العائلة الذين يعتمدون عليك بشكل مفرط.

وقد أشرت لهذه الفئة سابقا، بـ مصاصي الطاقة، وشرحت لك كيف تتعامل معهم!

2ـ الضغوط المهنية

بيئات العمل المليئة بالتوتر وضغوط المهام المتواصلة دون فترات راحة، وهنا لا أقصد أنك تعيش الاحتراق الوظيفي بسبب كثرة أعمالك، وإنما بسبب تحملك لمسؤوليات زملائك في العمل، فبدل أن تقول لا، وترفض القيام بما ليس عليك، توافق خوفا، أو خجلا!

الاستنزاف العاطفي

ومسألة القدرة على قول لا، هي مهارة ناعمة أساسية في الحياة، لم تتعلمها في المدرسة، لذلك، لازلت تعاني من مشكلة العطاء الزائد، إلى هذه اللحظة.

عندما لا يستطيع الشخص قول “لا” ويتحمل أكثر مما يستطيع، يصبح من السهل الوصول إلى حالة الاستنزاف العاطفي، لأن حدوده مخترقة.

3ـ تجنب النزاع

إذا أجبت على سؤالي في مقدمة المقال، ستكتشف أنك لم تستطع إيقاف الأشخاص السيئين من الدخول إلى حياتك، وسمحت لهم بتجاوز الحدود معك، فقط لأنك كنت خائفا من الدخول معهم في نزاع!

لا، لا! لا أريد المشاكل، دعه يفعل ما يشاء! لا أريد الدخول في نزاعات مع أفراد عائلتي أو أصدقائي!

هذا الخوف، وتجنبك للنزاع، هو ما يجعل الطرف الآخر، يتجرأ عليك، ويستنزفك أشد الاستنزاف.

لماذا تتجنب النزاعات؟

أنت تعتقد أن كل نزاع عبارة عن شجار، ومضاربة، وعنف، وصراخ لأقصى درجة… وهذا قد يحدث، مع ذلك، لا يعني كل نزاع أنك ستشتم الآخر، وستتجاوز معه الحدود الأخلاقية.

الاستنزاف العاطفي

إذا تصالحت مع فكرة أن النزاع ما هو إلا اختلاف في الرأي يجب توضيحه حماية لحدودك، فستتخلص من مشكلة الاستنزاف العاطفي.

توقف اليوم عن اجتناب النزاعات، وقم بإدارتها بحكمة وذكاء!

ولكي يكون من السهل عليك أن تختار متى تدخل في نزاع، ومتى تتغاضى عنه، عليك بتحديد نظام قيم خاص بك!

ما هو نظام القيم الخاص بك؟

كل شخص ناجح سمعت به، أو لم تسمع به، لديه مجموعة قيم يعيش بها.

ما الذي تؤمن به؟ ما الذي تقبله؟ وما الذي لا تقبله؟ ما الذي تتساهل فيه؟ وما الذي ترفضه رفضا قاطعا؟؟!

عليك بتحديد إجابات هذا السؤال، لأنها هي من سيحدد قيمتك الاجتماعية، وتعاملاتك مع الناس.

إن كنت تقول أن الصدق قيمة مهمة لديك، فسترفض أن يدخل في حياتك شخص كذاب، شخص تشك في مصداقيته معك! وهكذا…

ولكي تكون قادرا على إيصال نظام قيمك هذا، للأطراف الأخرى، أنت ستحتاج لمهارة أساسية وهي التواصل! وهنا، لا أقصد فقط قدرتك على الكلام، لا!

أقصد الاختلاف!

قم بردات فعل مختلفة

ما الذي أعنيه؟

الشخص الذي يستنزف عاطفيا، يعرف كيف تتصرف، يعرف طبيعة كلامك، ويعرف أسلوبك في المواجهة. يعلم مصاص الطاقة أنك إنسان لطيف أكثر من اللازم، وأنك لن تدخل معه في نزاع!

وبالتالي، أن تبحث عن طريقة لحل مشاكلك دون أن تغير من أسلوبك، شيء لا نفع منه!

عليك أن تعبر عما لا يُعجبك، وهذه أول خطوة للتحرر من العلاقات السامة. فرِّغ ما لديك من مشاعر، وتوقف عن كبتها خوفا من نظرة الآخرين إليك.

الاستنزاف العاطفي

كلما عبرت عما بداخلك، كلما ارتحت، وأوقفت الطرف الآخر عن حده.

كيفية التعامل مع الاستنزاف العاطفي

إلى جانب الاقتراحات الأساسية أعلاه، من الجيد:

1ـ تحديد المصادر المسببة للضغط

قم بمراجعة حياتك اليومية لتحديد الأشخاص أو المواقف التي تستنزف طاقتك العاطفية.

2ـ وضع حدود صحية

تعلم كيفية رفض الطلبات التي تتجاوز طاقتك، وكن واضحًا في التعبير عن احتياجاتك.

3ـ التواصل مع الآخرين

تعلم كيف تعبر عن نفسك، وعن احتياجاتك، وقيمك أيضا. التواصل هو مهارة أساسية للتعامل مع مختلف الشخصيات في محيطك.

يمكنك تحسين جودة حياتك واستعادة توازنك النفسي، إذا اتخذت قرارا بالتعبير عما بداخلك لمن حولك، دون الخوف من ردات فعلهم، وهذا ليس بالأمر السهل، إلا أنه يستحق أن تتعلمه وتعطيه من وقتك!

أخبرني الآن، هل تعاني من الاستنزاف العاطفي؟ وهل تعرف من يستنزفك في محيطك؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

باستخدام موقعنا فانت توافق على سياسة الخصوصية وشروط الخدمة