كيف تكتشف الترويض العاطفي وتخرج من فخه؟

الترويض العاطفي

أنا لا أؤمن بالمثالية الاجتماعية التي تُفرض علينا كل يوم. تلك العبارات التي نسمعها منذ الصغر: “كن ضريفًا”، “سامح”، “تواضع”… تبدو بريئة لكنها تخفي ورائها آلية خطيرة: الترويض العاطفي.

أجل، الترويض العاطفي موجود. وهو لا يعني أن تكون شخصًا ضعيفًا بالضرورة، بل أن يتم دفعك ببطء للاستسلام، لتتحول إلى نسخة مطيعة من نفسك، فقط لترضي الآخرين وتتنازل عن حقيقتك.

في هذا المقال، سأشاركك كيف يُمارس هذا الترويض عليك دون أن تشعر، ولماذا تستسلم له، وكيف تخرج من دائرته.

ما هو الترويض العاطفي؟

هو باختصار أن تُجبر على الانسجام مع “قالب” محدد حتى تُعتبر إنسانًا جيدًا. أن تُهمّش ذاتك، مشاعرك، وردود فعلك، مقابل أن تُرضي معايير المجتمع أو الشريك أو العائلة. أن تُصبح كما يريدك الآخر، لا كما أنت.

تمامًا كما نُروّض الحيوان المتوحش ليصبح أليفًا، كذلك يتم ترويضك لتكون نسخة مطيعة، حتى يُستفاد منك ثم تُرمى كالمنديل.

الترويض العاطفي

كيف يبدأ الترويض العاطفي؟

يبدأ بكلمات بسيطة:

  • “لا تتفاخر، التواضع أجمل.”
  • “لا تقلق، خذ الأمور ببساطة.”
  • “لماذا تصعّد الأمر؟ كن متسامحا، ليس كل شيء حربا!”

لكن حين تسمع هذه العبارات بشكل متكرر، تجد نفسك تتنازل مرة بعد مرة… إلى أن تنسى من تكون.

لماذا تسقط في فخ الترويض العاطفي؟

هناك ثلاثة أسباب رئيسية تتكرر:

  1. الخوف من الوحدة

تربط استقرارك النفسي بوجود الآخر. فتتنازل وتتحمل فقط لكي لا تبقى وحيدًا. هذه العلاقة العاطفية التي تتمسك بها بكل قوتك تجعلك مستعدًا للتخلي عن كرامتك، عن رأيك، فقط كي لا تُترك.

  1. اجتناب النزاعات ومراعاة حساسيات الآخرين

ترفض المواجهة. تخشى أن تغضب أحدهم. لكن في المقابل، تسمح للآخر بأن يُمارس عليك سيطرة نفسية، فقط لأنك لا تريد المشاكل.

هذا يتكرر كثيرًا في العلاقات العاطفية، بين الأزواج أو الأصدقاء. الطرف الآخر يراك أفضل منه، فيُحاول أن يُضعفك لتشعر أنك بحاجة إليه.

الترويض العاطفي
  1. ربط قيمتك بكلام الآخرين

مديح الناس هو مصدر قيمتك. تنتظر التصفيق، تلهث خلف القبول، وتُبقي صورتك ناعمة ومثالية، حتى وإن كان ذلك على حساب حقيقتك. والنتيجة؟ تعيش في قناع لا يُشبهك.

هل يعني هذا أن اللطافة خطأ؟

لا. لكن اللطافة ليست معيارًا اجتماعيًا مطلقًا. أن تكون لطيفًا لا يعني أن تكون ضعيفًا، أو أنك مجبر على تقبّل من يُسيء إليك.

عليك أن تختار أن تكون لطيفًا مع من يستحق، وتختار التفاخر أيضا عندما يكون إنجازك يستحق أن يُحتفل به، مع الحفاظ على حقك في أن تواجه، لا أن تنبطح.

كيف تستعيد حقيقتك وتخرج من الترويض العاطفي؟

ابدأ بأن تتصالح مع الجزء المظلم فيك. لا تنكر أنه موجود. الغضب، العناد، الرفض، كلها مشاعر مشروعة. تقبلها لا يعني أن تتحول إلى شخص عدواني، بل أن تكون صادقًا مع نفسك.

راقب الأشخاص الذين تغيروا فقط لأنهم دخلوا علاقات سامة. كانوا أقوياء، طموحين، لكنهم الآن مرهقون، خاملون، بلا طاقة… لأنهم سمحوا لأنفسهم أن يُروضوا.

وهذا يدعوني لتذكيرك بالأشخاص مصاصي الطاقة، عليك الانتباه لهذه الفئة!

الترويض العاطفي

ماذا أفعل إن كنت فعلاً أعيش تحت هذا النوع من الإخضاع؟

أقولها لك بوضوح: لا تنتظر من يُنقذك. الحل بيدك. تعلم كيف تواجه، كيف تدير الصراعات، كيف تحسم موقفك من الناس.

ولهذا السبب، صمّمنا في دوراتنا سلسلة متكاملة من البرامج التدريبية التي تشرح هذه الآليات بالتفصيل.

ستجد فيها:

  • دورة الذكاء العاطفي: كيف تفهم مشاعرك وتتصرف بوعي.
  • دورة الذكاء الاجتماعي: كيف تتعامل مع الآخرين دون أن تخسر نفسك.
  • دورة الذكاء الطاقي: لتستعيد قوتك وتوقف الاستنزاف.
  • ودورة متخصصة في النزاعات: كيف تواجه دون عنف، وتحسم قرارك دون تردد.

كل دورة مصممة بأسلوب عملي، مع فيديوهات مسجلة وتمارين تطبيقية. ويمكنك الوصول إليها من أي مكان في العالم، فقط عبر هذا الرابط.

وأنت، هل أنت ضحية للترويض العاطفي دون أن تدري؟
هل هناك شخص أو مجموعة أو علاقة تدفعك للتخلي عن نفسك شيئًا فشيئًا؟

شاركني رأيك، ولا تخف من المواجهة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *