الحساسيات في العلاقات هي ما يجعلك إنسانا نكرة!
تجد نفسك في مواقف اجتماعية تتصرف بطبيعتك وتتحدث بآرائك، لكنك تتفاجأ بردود فعل حساسة من الآخرين. قد يحاول البعض إقناعك برأيه ويشعر بالإحباط أو الانزعاج حين تختلف عنه في وجهة النظر أو أسلوبه.
هذه المواقف شائعة وتشكل جزءًا من تفاعلاتك اليومية مع محيطك، والتي تتطلب منك فهماً أعمق لطبيعة الحساسيات الاجتماعية وكيفية التعامل معها.
إلا أنك بدل أن تعرف كيف تتصرف وتفرض رأيك، تقبل بهذه الحساسيات، وتجعل من نفسك شخصا لا يملك شخصية متفردة، خوفا من ردة فعل الآخرين.
اليوم، سأشاركك كيفية التعامل مع هذه الحساسيات بأسلوب فعّال يساعدك على بناء علاقات متينة وصحية.
لماذا يعاني الناس من الحساسيات في العلاقات؟
قبل أن أجيبك على هذا السؤال، دعني أسئلة، وأرجو منك أن تكون صريحا في الإجابة (لن يقرأ أحد إجاباتك):
- هل تجد صعوبة في التواصل مع الآخرين في المناسبات الاجتماعية؟
- هل تشعر بالعزلة أو الوحدة رغم وجودك وسط الناس؟
يحدث لك أحيانا، حين تدخل في محادثة مع شخص جديد أو حتى مع صديق قديم، أن تجده يتفاعل بحساسية مفرطة تجاه رأيك وتصرفاتك، وهذا يعود لأسباب عديدة، منها:
1ـ التوقعات المسبقة: يميل البعض إلى وضع معايير معينة لعلاقة الآخرين معهم، ويشعرون بالإحباط عندما لا تتطابق ردود الفعل مع تلك التوقعات.
مثلا، الشخص النرجسي لديه توقع بأن الطرف الآخر، من الواجب عليه أن يقبل سلوكياته، وألا يقابله بالرفض، وإن كنت في علاقة مع نرجسي ستجد نفسك دائما تقول نعم على متطلباته!
2ـ التعلق بالمعتقدات الشخصية: بعض الناس يعتبرون آرائهم جزءاً من هويتهم، وبالتالي قد يشعرون بالتهديد إذا واجهوا اختلافاً عن معتقداتهم.
وهذا يعود للتربية، ولطبيعة المجتمع! هل تعرف ذلك النموذج المجتمعي الفاشل الذي يقول لك، كن مثل فلان ولا تكن مثل علان؟! يفرضون عليك نمط عيش محدد، ويطالبونك باتباعه! هؤلاء تكثر لديهم الحساسيات في العلاقات، حيث يرغبون في من هو شبيه لهم، ولا يقبلون الاختلاف.
كيف تتعامل مع الحساسيات في العلاقات؟
التعامل مع حساسية الآخرين تجاه الآراء المختلفة يتطلب وعيك الكامل، وانتباهك لأسلوبك في التواصل، وكيف تشارك أفكارك!
فيما يلي بعض النصائح للتعامل بشكل واقعي مع هذه الحساسيات:
1ـ التصالح مع نقاط الضعف:
إن كنت أنت من يعاني من هذه الحساسيات، فلا شك أنها نابعة من نقاط ضعفك. لديك مشكل في جسدك، أو شكلك الخارجي، أو مستواك التعليمي… وكلما تحدث معك شخص في هذه المسألة تحسست وتصرفت بردة فعل مبالغ فيها!
هذا الأمر عليك معالجته، لا أقصد هنا أن تجهر بنقاط ضعفك، وتمسك الميكروفون وتخبر بها الجميع. مع ذلك، إن كان وزنك زائدا مثلا، فقد تتحدث عن تقبلك لهذا المشكل، وأنك حاليا تتبع حمية غذائية، أو نفرض أن مستواك التعليمي غير متقدم، فلا بأس إن تقبلت الأمر، وقلت أن ما يهمك هو النجاح العام في الحياة، أي مسيرة مهنية جيدة، وعلاقات جيدة!
2ـ تصنيف الناس حسب أهميتهم:
هل أطلب منك أن تكون متكبرا؟! ليس شرطا! وإنما أنا هنا أقترح عليك ألا تتعامل بالمثل مع جميع البشر من حولك.
هناك أشخاص يستحقون أن تشاركهم حياتك الشخصية، وهناك أشخاص لا! هناك فئة معينة تنفع لتكون ضمن إطار زملاء العمل فقط… وهكذا! الأشخاص الناجحين لديهم تعامل محدد مع كل شخص على حدة.
وهنا أذكرك، الذكاء العاطفي في العلاقات هو أن تعرف كيف تصنف الناس من حولك، بالطريقة الأنسب لك أنت، وليس حسب رغبتهم هم.
لأنك إن أخطأت تصنيف الأشخاص ستقع في مشاكل غير متناهية، ستتشارك في العمل مع أشخاص غير مؤهلين فقط لأنهم أصدقائك أو من أفراد عائلتك، وقد تخبر زميلك في العمل بمشكل شخصي لديك، ثم يقوم بنشره في مكان عملك!
وستأتي بعد حدوث هذه المشاكل لتتساءل عن طريقة لإدارة النزاعات في العلاقات!
3ـ كن متفردا:
أنت الوحيد الذي يعرف كيف يريد أن يعيش هذه الحياة وفقا لما يناسبك (مع احترام الآخرين)! إلا أنك تخطئ حين تبحث عن موافقة الأطراف الأخرى، ومنحهم لك البطاقة الخضراء.
كما أخبرتك سابقا، النموذج الفاشل في المجتمع سيفرض عليك أن تكون شبيه الآخر، وغير متفرد، وهذا خطأ!
ليس بالضرورة أن نكون متفقين دائماً، ولكن المهم هو أن نحترم الرأي الآخر دون إصدار أحكام. اقبل اختلاف الآخرين، وكن أنت أيضا مختلفا، بما يتناسب مع طموحاتك.
لكن، إن أخبرتني أنك تقوم بكل هذا، مع ذلك، إلى الآن علاقاتك كلها سيئة، فدعني أسألك:
هل أنت غبي اجتماعيا؟
لا، فقط أنت تتجاهل حدسك الداخلي!
كيف؟
العلاقات التي تجذبها إلى حياتك هي سبب مشاكلك، صحيح؟ حتى لو أخبرتني أنك متميز، وتقبل اختلاف الآخرين، وتتعلم كيف تتواصل جيدا… إلا أنك دائما تسقط في فخ الاستغلاليين، فالسبب هو عدم استماعك لصوتك الداخلي.
كم من شخص حين تعرف عليه لأول مرة أحسست أنه غير مناسب لك، شعرت بانقباض في داخلك… مع ذلك، استمريت في علاقتك معك، وأدخلته في حياتك إلى أن تسبب لك في مشكل كبير!
حدسك الداخلي هو ترمومتر لما يحدث في الخارج، لا تتجاهله وانتبه لما سيحدث لعلاقتك الاجتماعية وكيف ستجذب الأفضل.
أخبرني الآن، هل تستمع لحدسك الداخلي أم تتجاهله؟
أدخل معلوماتك لقراءة المقال مجانا